الخليج ليس بمنأى عن التأثر والتأثير؛ أحداث البحرين التي تدور الآن محزنة للغاية. لأن الاضطرابات مست بلداً متمدناً ودولة سباقة في مجالات تنموية ونهضوية كثيرة. سقوط ضحايا في المواجهات بين رجال الأمن وبعض المتظاهرين خطر ومخيف. لأن الخليج كان دائماً يتمتع باستقرار سياسي، لأن الأنظمة الملكية ألقت من على عاتقها عبء الدعوات إلى الديموقراطية مستفيدةً من الفرص التنموية، والرخاء الاقتصادي. وكنتُ قد كتبت من قبل مقالةً عن أن “التنمية أولى من الديموقراطية في الخليج”. أحداث البحرين مختلفة، فهي أولاً ليست سلمية تماماً، وبحسب المسؤولين فإن أسلحة كثيرة وجدت بحوزة بعض المتظاهرين، وهذا ما أجج الخلاف ونثر الدماء والأشلاء بشكل محزن، ولم أكن يوماً أتوقع أن نشهد مثل هذه الأحداث في هذه الدولة الجميلة.
المصيبة أن تحاول إيران الدخول من نافذة الطائفية، وهذا مثير للفتنة إن حدث، لكن كلام وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة جاء حاسماً “لم يأت جيش من أي بلد خليجي، ما جرى هو الاستعانة بالجيش لحفظ النظام ولم يوجه الجيش سلاحه لأحد، ما جرى هو إخلاء منطقة دوار اللؤلؤة، لا توجد أزمة ثقة في البحرين ونحن قادرون على تجاوز الأزمة، ولاء شيعة البحرين للبحرين. إننا سنة وشيعة ننتمي لقماشة وطن واحد”.
لا نبرئ إيران من مطامعها التوسعية وتدخلاتها في دول الخليج، وليس بعيداً أن مسؤولين رسميين إيرانيين يكررون بين حين وآخر، تصريحات عدائية، فلا ننس أن أحدهم قبل عام اعتبر البحرين أرضاً إيرانية! خلافاً لاحتلال طهران جزر الإمارات الثلاث، وما لم يفطن المواطن الخليجي مهما كانت طائفته لهذا التحدي فإن العواقب ستكون وخيمة. التهديد الإيراني بدا الآن واضحاً ولم يعد سراً وبخاصةٍ بعد أحداث البحرين الحالية. نتعاطف جميعاً مع الدعوات التي تطالب بأن يعم الرخاء كل فئات الوطن، كل وطن، لكنني لا أفهم معنى أن يرفع متظاهرون في بلد خليجي علماً لحزب الله اللبناني!
المهم الآن ألا تجرنا العواطف ولا سياقات الإعلام السريعة عن إدراك أن تجاوز هذه الأزمات، إنما يكون برتق ما انفتق من ثوب التنمية والإصلاح والعدالة في دولنا. البحرينيون وحدهم القادرون على تجاوز هذه الأزمة، وعلى الدول الخليجية الأخرى أن تأخذ حيطتها من الانفجارات الاجتماعية، وذلك عبر الإصلاح، والبدء بمؤسسات للقضاء على الفساد المنتشر والواضح والذي يجب أن يردم حتى لا تستغله دولة طامعة أو مدعٍ لتفتيت نسيج اجتماعي واستقرار سياسي، من الضروري أن نجهّز “العصابة قبل الفلقة” كما في المثل الشعبي، هذا هو الأمل!