من أكثر المسرحيات العربية التي يستعيدها الشباب على الإنترنت مسرحية “الزعيم” لعادل إمام، وهي المسرحية التي عرضت خلال الفترة ما بين 1993 إلى 1999، وتدور أحداثها حول حاكم ديكتاتوري في إحدى الدول العربية، وبين أفراد الشعب شخص يشبه الزعيم تماما يدعى “زينهم”، فيأمر الديكتاتور باعتقاله وقبل تنفيذ ذلك يموت الحاكم فتقوم الحاشية التي تقوم مصالحها على بقاء الزعيم بتقديم “زينهم” على أنه هو الحاكم لكي يضمنوا استمرار مصالحهم ولكن زينهم، دوبلير الزعيم، يستغل وجوده ويطيح بهم ويكون ذلك لصالح الشعب.
المسرحية أزعجت الكثير من الحكام الديكتاتوريين، وتذكر بعض الأخبار والملخصات المنشورة عن المسرحية في الإنترنت أنها منعت من قبل صدام حسين، وكان من يقتنيها يتعرض للتعذيب، ولهذا منعت وبيعت خفيةً في أقطار عديدة. من بين “الأفّيهات” الجميلة في المسرحية حين يجمع الرئيس، الوزراء ويلقي عليهم خطبة، يتحدث فيها عن “الثورة” التي قام بها حزبه، ويقول: “نحن قمنا بالثورة لأننا.. بصراحة أنا مش عارف ليه قمنا بالثورة لأني كنت ساعتها في الحمّام”. ثم يسأل بعد دخول الوزراء: “مين دول؟” فيقول له المساعد: “هؤلاء هم الوزراء” ثم يسأل عن كل وزير ومهمته وحين جاء دور وزير “التموين” قال: “يعني إيه وزير التموين، يعني وزير الباذنجان والخيار”؟!
وما إن ينتهي مجتمعاً بهم حتى يهتفوا وهم يغادرون المقر الرئاسي حسب المسرحية: “أنت الشعبُ والشعب أنتَ” وسط تصفيق الجمهور لهذا المشهد المسرحي الفكاهي والبليغ. وقد استعدتُ هذا المشهد في ذهني وأنا أرى القذافي وهو يحتقر شعبه، ويسميهم “الجرذان والمقمّلين”، وقد أحسن أحد الليبيين حينما لاحظ أن القذافي لم يقل يوماً: “أيها الشعب الليبي العظيم” بل يكتفي بوصفهم بالجرذان، وكأنهم لم يكونوا شيئاً حين جاء إلى الحكم. والحاكم الذي لا يقدر شعبه، ولا يعتبره عظيماً ليس جديراً بهم، والقذافي لسان حاله :”أنا الشعب والشعب أنا”!
يعيد القذافي شماعة “عودة الاستعمار” مع أن الاستعمار انتهى وزال، ولم يعد هناك استعمار، فقد حلت العولمة بمصالحها مكان النظام العالمي القديم، لكن القذافي لم يخرج من أفكار الأمس البعيدة. لا فرق بين مسرحية الزعيم وما جرى ويجري في العالم العربي، فقط عدلوا على المشاهد وتخيلات مكان “الزعيم” أحد الزعماء الديكتاتوريين، حينها ستفهمون أشياء كثيرة!