تركي الدخيل
لم يكن حضور المرأة في الميادين الأصولية طارئا في تاريخها، بل هو أساس في بنائها. في الإخوان نجد هبة قطب وزينب الغزالي، وفي القاعدة هناك زوجات القياديين، منهم زوجة الشهري التي لحقت به في اليمن متسللة بطريقة غير مشروعة، إضافة إلى مئات الأسماء التي تنضوي تحت لواء القاعدة وداعش مع الأزواج في ساحات القتال والصراع، فالمرأة جزء مستغل في التنظيمات الأصولية لأسباب عديدة، منها القدرة على المخاتلة واستغلال أدوارها اللوجستية، بل يقومون بتقمص شخصيات النساء في الهروب والمواربات الأمنية، كما حدث مع أكثر من قيادي في القاعدة حين طورد يرتدي العباءة النسائية من أجل الهروب من رجال الأمن ومن الملاحقة الأمنية، وعليه فإن استغلال الأنوثة شكلا، أو الأنوثة جسدا ومضمونا هو أساس لدى التنظيمات الأصولية الإرهابية. منذ فترة كشفت وزارة الداخلية عن محاولة سيدتين برفقة عدد من الأطفال السفر إلى خارج الحدود وتحديدا إلى اليمن، وقالت إن ما أقدمت عليه السيدتان شكل صدمة للمجتمع السعودي المحافظ، فقد ضربتا بكل المبادئ عرض الحائط، وتخليتا عن مشاعر الحب والأمومة، لتقدما نفسيهما وأبناءهما قرابين في سبيل «القاعدة»!
نادر العنزي، وهدى اليوسف، وهيفاء القريشي قاموا بإعداد ملف عن هذه الظاهرة نشر في هذه الجريدة بتاريخ 29 مايو الماضي، ولفتت نظري مشاركة منصور الشمري من جامعة الملك خالد، الذي أكد أن: «سبب استخدام العنصر النسائي من قبل التنظيمات المتطرفة يرجع لأمرين، الأول: محاكاة للعمليات الاستخباراتية العالمية التي حققت نجاحا باستخدام العنصر النسائي، وهذه إشارة توحي بوجود عمليات اختراق للجماعات المتطرفة، السبب الثاني: يتم استخدام العنصر النسائي حسب الظروف المكانية والزمانية، وتحديد مدى الاستفادة من استخدام المرأة من خلال طبيعة البلد أو المجتمع المستهدف، فالمجتمع الذي تتمتع المرأة فيه بخصوصية عالية يتم تجنيد العنصر النسائي فيه لوجستيا، كعمليات نقل المعلومات السرية»!، حين تنتهك قدسية الطفولة عبر تدريبهم على قطع الرؤوس، ومقام الأنوثة بكل الرقة والعطاء في عمليات إرهاب وقتل، فإننا بالفعل نعيش كارثة غير مسبوقة بالعصر الحديث.
جميع الحقوق محفوظة 2019