لا يشك عاقل بأهمية عتق الرقاب، وإنقاذ رقبةٍ كان القصاص سينفذ بها من أهم منافذ الخير، ومناحي الإحسان والبذل. لكن ما يحدث اليوم خطير جداً، حيث تحول أولياء الدم إلى أولياء لتجميع الأموال من أجل إمضاء العفو عن القاتل.
كل يوم نسمع عن عشرات الملايين، تطلب من أجل الصفح عن القاتل من قبل أولياء الدم، ومع أن هذا مقرٌ شرعاً، إلا أن المبالغة بالأرقام الفلكية في سبيل العفو عن القاتل، أشبه ما تكون بتسعيرة للمقتول، يستفيد منها أولياء (المال)، المسمون بأولياء الدم! بل لقد أطلق أحد المتابعين في “تويتر” ضمن نقاش على هؤلاء، تجار الدم، كما قال عبدالرحمن الصومالي.
الشيخ عادل الكلباني، قال معلقاً على القضية، إن الشريعة أقرت العفو لوجه الله أو الدية المقررة شرعاً، أما الأرقام الخيالية، فانظر ماذا ترى! وكأنه يشير إلى عدم رضاه عن هذا التوجه الذي بات التكسب فيه بدم القتيل واضحاً لكل ذي لب.
قبل أيام كانت وزارة العدل تعقد مؤتمرا لمناقشة العقوبات البديلة، للسجن والتعزير، كأن يفرض القاضي على المحكوم عليه بدلا من السجن عملاً لصالح المجتمع، كتنظيف الشوارع، أو المساجد أو نحو ذلك، وهو مؤتمر لطيف، يفتح آفاقاً للتغيير، ومواكبة التحديث، والخروج من تكدس المساجين في السجون، والتخفيف على الدولة من النفقة عليهم، وإعاشتهم، بل ويحفظ بيوتهم من الضياع.
وكما كانت الوزارة متزامنة مع توجه بعض القضاة التجديدي، باتجاه العقوبات البديلة، فرعت مؤتمرا يحفل بالعصف الذهني من قبل المختصين والمهتمين بهذه الشؤون؛ فأرى أن الوزارة جديرة بنقاش إشكالية توسع الناس في طلب المبالغ المليونية من أجل العفو عن القاتل من قبل أولياء الدم.
قال أبو عبدالله، غفر الله له: لا أريد أن أضيق من فرص إنقاذ حياة الناس، لكنني أخشى من التوسع في هذا الأمر، فيتحول من جهة إلى تجارة، ويحرض من جهة أخرى إحسان أهل الفضل والكرم والإحسان، ورجاء ما عند الله في عتق الرقاب، في تسهيل القتل عند الناس، والتقليل من خطره. والله من وراء القصد!