من الطبيعي أن يتحدث الناس أحياناً عن الإساءات التي تحدث ضد الإسلام، سواء من الكتاب أو رسامي الكاريكاتير، أو المصورين، أو المؤرخين، وهي ردة فعلٍ تقع ضمن حق الفرد، لكن الذي لم ندخل إليه بعد دراسة أخطاء بعض المسلمين ضد الإسلام، بل وللأسف أخطاء بعض الإسلاميين ضد الإسلام، وأقول “بعض”. فلو استعرضنا التصرفات والأساليب التي يمارسها بعضهم ضد الآخر المخالف، سواء أكان المخالف مخالفاً في الدين أو المذهب أو الطائفة أو حتى في مسائل “المسح على الخفين”، كما يعبر الأستاذ إبراهيم البليهي، فسنجدهم حينها يشنون عليه أعنف الحملات ويحلّون لأنفسهم كل سوط، قبل كل صوت!
تخيلوا أن بعض أولئك يزايد على الناس في اتباعه لمنهج النبي عليه السلام! بينما لو استعرضنا كل سيرته لما رأينا أيّ دليلٍ يبرر له منهجه. النبي الذي رفض أن ينهض الصحابة لمنع الأعرابي من قضاء حاجته في المسجد، والذي صلى على ابن أُبي بن سلول، رأس النفاق. النبي الذي يبتسم حين يجذبه ذلك السائل للمال من جيبه ويطلبه أن يعطيه من مال الله! النبي الذي وصفه الله بأنه: “على خلقٍ عظيم” وفي آيةٍ أخرى: “ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك”! ثم يأتي في هذا الزمن رجالٌ يزايدون على الناس في الاتباع بالفظاظة والغلظة، وأعنف أساليب الإقصاء الذي نبرأ تماماً أن يكون معبراً عن الإسلام في الداخل أو الخارج.
بعضهم يتقرب إلى الله بالدعاء على المخالف، ولا أدري من أين جاؤوا بالتبريرات الدينية التي يستندون عليها، كيف يمكن للإنسان أن يدعو على أخيه في الإسلام؟ إما أن يكون قد كفّره وبالتالي أباح لنفسه الدعاء عليه، وإذا كان لم يكفره فما المبرر لأن يدعو مسلم على أخيه المسلم، ولدينا الحديث: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”. ومع أن الدعاء مجرد اعتداء لفظي لا أكثر ولا أقل وهو يندرج في إطار الشتم، غير أن مثل هذه الأخطاء لا تسيء لأحدٍ بقدر ما تسيء إلى دعاوى المنهج الذي يستندون إليه، والمسلم ليس بالشتام ولا اللعّان ولا الطعان.
قال أبو عبدالله غفر الله له: من الواضح أنني اضطررت لتذكير بعض الوعاظ بأحاديث درسناها في المتوسطة والثانوية وهي مشهورة ومعلومة، لكن أردتُ أن أبين مرضية الانتقاء للأحاديث بغية رسم منهجٍ عدائي لا منهج تصالحي ملؤه التسامح.. غفر الله للجميع وأصلح الأحوال وطهّر القلوب والنفوس.