كيف سيبني العالم ثقته ببعضه بعد تسريبات “ويكيليكس”؟!
بالتأكيد ستتغير الطرق التي يتداول من خلالها الساسة الآراء. وبالذات فيما يخص الدبلوماسية الأميركية، دبلوماسية الإمبراطورية التي تحرك وتؤثر في كل أنحاء العالم. البعض يطرح نظرية المؤامرة لتحليل الوثائق المسرّبة، إما عبر تسهيل التسريب، وأن وزارة الخارجية الأميركية على علمٍ به، وأشد الذين رأوا في الوثائق عملاً ومخططاً صهيونياً الموقف الرسمي الإيراني الذي يربط التسريبات بخطة صهيونية أميركية منظّمة.
أعلن وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأميركية أنه “لن يكون سهلاً” على الولايات المتحدة إعادة بناء الثقة في علاقاتها الدبلوماسية مع العالم بعد تسريبات موقع ويكيليكس التي ألحقت “ضرراً كبيراً” بالدبلوماسية الأميركية. كلام وليام مليء باليأس حين يقول:” “سوف نحاول أن نطمئن شركاءنا بشأن الإجراءات التي سنتخذها، وبأننا سنحمي في المستقبل سرية المحادثات”. العجيب أن الولايات المتحدة لم تتحدث عن “كذب” الوثائق بل تتصرف على أساس أنها صحيحة.
تتصرف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على أساس صحة رواية الوثائق، وحينما تعرضت الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر لإساءة في إحدى برقيات ويكيليكس حين تساءلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ديسمبر/كانون الأول 2009 عما إذا كانت الرئيسة الأرجنتينية بكامل قواها العقلية، وهو ما اضطر كيلنتون إلى الاتصال بكيرشنر الأسبوع الماضي للإعراب لها عن أسفها لما حدث. يعني أن هيلاري كلينتون اعترفت بما ورد في الوثيقة المسربة، ومساعدها يعد دول العالم بأخذ الاحتياطات اللازمة مستقبلاً. يعني كأنه يقول “آسفين إن شاء الله ما تتكرر”!.
إذا كان التاريخ يكتبه الأقوياء فإن التاريخ اليوم تكتبه حرب أسانج على صناديق الأسرار، كان التاريخ يكتبه الأقوياء حسب ما يتيحونه للكتاب من معلومات أو تحليلات أو وثائق تكشف بمزاج يفرضه الطرف الأقوى، لكن أسانج اليوم يريد ليس فقط أن يغير وجه الإعلام وهو التغيير الذي تحدثت عنه بالأمس، بل يريد تغيير طريقة كتابة التاريخ وإدراك الأحداث. يقول: “إن أهم ما قمنا به هو أننا وضعنا كما هائلا من الوثائق السرية أمام الناس العاديين ليعرفوا الحقيقة كما وقعت وليس كما يقدمها الطرف القوي”.
كأنني أشاهد فيلم إثارة وتشويق وغرائب وأنا أقرأ تحديثات ويكيليكس وهي أحداث تحتاج إلى دراسات.. إنها حتماً ستغير وجه التاريخ.. ووجه الدبلوماسية أيضاً!