الدكتور: عبدالله الغذامي يثير بكتبه التي يصدرها الكثير من السجالات والأحاديث، ويحرك بآرائه المياه الراكدة، وفي الحوار الذي أجري معه في “الشرق الأوسط” أول من أمس قال الغذامي عن نفسه: “إنه لا يتقمص دور “المصلح الثقافي”، وإن: “الدور الوحيد الذي يناسبه هو دور المفكر المستقل الحر”، ففي كتابه الجديد: “الفقيه الفضائي”، يتحدث عن تحولات الخطاب الديني من المنبر إلى الشاشة، والغذامي من المهتمين بدراسة الخطاب الديني في الإعلام. وحين أعددت أطروحتي للماجستير حول برنامج: “حجر الزاوية” للشيخ سلمان العودة أجريتُ معه حوارا مهماً، ذكر فيه أن الخطاب الديني عاش تحولاتٍ على المستوى الشكلي والفكري أثناء انتقاله من المنبر إلى الشاشة.
ولم يكتف الغذامي في كتابه بالاستشهاد بآراء المفكرين بل استدل حتى بالفقهاء، وفي عرض: فتح الرحمن يوسف للكتاب، يقول: إن الكتاب “يعيد الغذامي مرة أخرى لدائرة الجدل داخل الساحة الثقافية التي لا يكاد يبارحها، في هذا الكتاب يستقوي الغذامي بآراء بعض الفقهاء كالإمام الشاطبي، وبعض الدعاة كالقرضاوي وسلمان العودة، ليطلق دعوة للجمهور العام لخوض عباب الفقه للوصول لدرجة الاجتهاد، وعدم حصر الأمر على طائفة من أهل العلم، يحمل غلاف الكتاب دعوة الشاطبي بالقول: يقول الإمام الشاطبي بوجوب الاجتهاد على العامي مثلما هو واجب على الفقيه العالم، وذلك لأن آراء الفقهاء بالنسبة إلى العوام هي مثل الأدلة بالنسبة إلى الفقيه”.
يعتبر الغذامي أن من تحولات الفقيه الفضائي اتجاهه من سد الذرائع إلى فتحها، ويضرب على ذلك مثلاً بالشيخ سلمان العودة الذي يقول عنه: “إن فتح الذرائع لا سدها مبدأ جوهري في مشروع الفقيه الفضائي ـ كما طرحه سلمان العودة ـ وهذه قضايا جوهرية في المبحث الفقهي العصري لا تحصر الفقه في تصورات بدائية مثل طلب التسهيل أو فرض الأحوط أو تقليد الموثوق به”.
ويباري الغذامي لغة الفقهاء حتى في تحليلاته الفكرية حين يقول: “وإذا قلنا إن عصرنا هذا لا يشبه أي عصر سابق في الماضي فمعنى هذا أننا نحتاج إلى فقه يتعامل مع ظروف وشروط ومتغيرات هذا العصر كما هي قاعدة ابن القيّم الأصولية”.
من الرائع أن ينوع المفكر من استشهاداته، وأن يدخل تارة على الفقه والخطاب الديني وأخرى على الأدب وثالثة على الفنون، والغذامي يبدع في طرق تلك المساحات المهملة.. ويكفي أنه يثير دائماً الساحة الثقافية حواراً وجدلاً وثراءً!