هنيئاً للمنطقة هذه الأفكار العظيمة والعقلية المتقدة التي تزخر بها قيادات منطقتنا المنكوبة· فما كدنا ننتهي من فخامة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي يستظل بغمامة من نور لم يرها ويحس بها غير فخامته أثناء إلقاء كلمته في الأمم المتحدة، حتى فاجأنا سماحة مقتدى الصدر بتصريحه في إحدى ديوانيات الكويت حيث قال بأن الأميركيين لم يأتوا إلى العراق، لإسقاط صدام، ولا لتحرير العراقيين من البعث، ولا من أجل أطماعهم في النفط، أو في النفوذ في المنطقة، بل لكي يمنعوا الإمام المهدي من الظهور وإقامة القسط والقسطاس!
وغير بعيد ما رأيناه قبل أيام من تصريحات نضالية من لدن فخامة الرئيس السوري بشّار الأسد· كانت الكلمة الفذة التي ألقاها قبل يومين الرئيس الأسد في مؤتمر المحامين العرب لنصرة سوريا، والأجواء المحيطة بها، من هتافات، وشعارات، وأفكار جديرة بالتأمل والإطراق في سبيل اكتشاف في أي عصر نعيش نحن؟!
أقبل عقدين أو ثلاثة أم أننا دخلنا العام 2005؟!
كنت أحاول أن أتبين هل أنا في حلم أم في علم، فطلبت جاري أن يقرصني لأتأكد أنني لم أحلم حلماً يعود تاريخه إلى الستينيات!
لقد كان فخامة الرئيس في غاية الارتياح لتعليقات المحامين العرب الذين شرح لهم مسائل قانونية، وأفهمهم والمشاهدين العرب قضايا غاية في الحساسية·
بعيداً عن هتافات: ”بالروح بالدم نفديك يا بشّار”، تلك التي سمعناها من قبل، عبر وسائل الإعلام المختلفة وهي تُردد في حق الرئيس القائد الأفخم المخلوع صدام حسين قبل أن يكون مخلوعاً، وهي ترددت بشكل علمتنا إياه قيادات ”البعث” بشقيه العراقي والسوري، إلا أن أحد أعجب التعليقات تلك التي اعتبر أحد المحامين فيها الرئيس السوري بشار الأسد، جمال عبدالناصر هذا العصر!
لم يتنبه صاحب العبارة الشعبوية، كما كان كل خطابات ذلك المؤتمر، وكان مصرياً، إلى أنه كان يخاطب الناس في سوريا التي ذاقت علقم الاتحاد مع مصر لصالح عبدالناصر، وتنازلت عن المشروع العربي الوحدوي العاطفي آنذاك، لأنها أصبحت على الهامش!
كان فخامة الرئيس السوري يتحدث بخطاب يقطر بنظرية المؤامرة، رغم أنه قال في ثنايا خطابه إنه يعلم أن هناك من سيقول بأن خطابه يقوم على نظرية المؤامرة، ولكي يدلل أنه ليس كذلك، فسّر أحداث العالم منذ عقود بأنها مؤامرة!
قال لنا إن بعض الزعماء الأوروبيين يلومونه على تشدده، وجميل أنهم رأوا هذه الهتافات ليعلموا أنه أقل تشدداً منها، وأنه يسير خلف الشارع وليس أمامه· نسي فخامة الرئيس الأسد، أن الزعامات يجب أن تقود الناس لما تعتقده خيراً لمجموعها، لا لفئة محدودة من المستفيدين، وأن الزعامات الحقيقية لا تكون في الخلف، وفي أواخر الصفوف!
حسناً، من سيدفع الثمن الأكبر للتشدد؟!
أهي النخب الحاكمة، رغم أنها ستدفع الثمن؟!
لا··· الثمن الأكبر سيدفعه مجموع الشعوب، المغلوبة على أمرها!
لم ينقص المشهد السوري، إلا وزير إعلام يتحدث عن العلوج··· وسنراه قريباً فيما يبدو·
جميع الحقوق محفوظة 2019