موقع العصافير المغردة أو “تويتر” من بين وسائل التنفس الاجتماعي العالمي، والشعبية التي حققها في العالم العربي كانت بسبب الكبت الفكري وطمس الصوت المخالف، والاستفراد بوسائل إعلام رسمية، بقي الجمهور مجبورا عليها، لكنه لم يصدقها في معظم الأحيان. حتى التدخل الإيجابي بالشأن السياسي كان ممنوعا، لكن وبعد أن طرحت التقنية منتجاتها الأهم على الإطلاق وهي: “يوتيوب، فيسبوك، تويتر”، أصبح من الصعب محاصرة الكلمة وملاحقة الناس. لم ينجح النظام التونسي في أن يقطع ألسنة الناس، لكنه فقط استطاع أن يحجب “تويتر” في بلاده، وكذلك فعل بشار الأسد إلى أن اقتربت الثورة من باب حكمه فتح المواقع التفاعلية للناس، وربما فتحها لتصطاد استخباراته من يشذ عن نظامه!
ضجت ساحة “تويتر” بعد أن وضعت عبارة توحي بإمكانية الرقابة على بعض المضامين التي ربما تختلف والسياسات العامة لبعض البلدان، هذه العبارة موهمة وملغزة لكنها دالة!
دالة على أن الصوت المتعدد أصبح محل ضيق من قبل بعض المؤسسات والحكومات. بالتأكيد أن تويتر فتح كل شيء، بمعنى أن الصالح والطالح الإيجابي والسلبي كلهم قد دخلوا إلى هذا المكان، وكاتب هذه السطور تعلمون أنه لم يكن بمنأى عن حملات كثيرة وهجوم لم يتوقف حتى اللحظة، لكن هذا لا يمنعني من الدفاع عن حرية حتى من ينتقدني لأنني بدفاعي عن حريته أدافع عن إنسانيتي. فالمسألة ليست شخصية، والحرية التي نطلبها لـ”تويتر” لا تعني أننا أبرياء من أسماء تناولتنا بنقد شرس وهجوم حاد وربما شخصي، ومع ذلك لا يسعدني أن يبدأ “تويتر” بتحجيم الأصوات وتكميم الأفواه.
ندافع عن حرية “تويتر” حتى وإن نالنا من شهب المعتدين ما نالنا، لأن المسألة تتعلق بمبدأ فكري وذهني وأخلاقي، مبدأ الحرية للكلمة والصوت، ومنذ أن عرفت مهنة المتاعب “الصحافة” وأنا أراهن على حرية الكلمة، وهي ليست حرية نضالية متجاوزة لكل حد، لكن حرية مسؤولة عاقلة تعلم الممكن والممتنع والمستحيل والخطر، لكن بالنهاية نتوق إلى حرية الحرف وتغريده كما تغرد العصافير.
قال أبو عبدالله غفر الله له: نأمل لأي موقعٍ أن يكون حرا، وبما أن “تويتر” اختار من العصفور شعارا له، بكل ما فيه حركة العصفور من حرية وجمال صوت، على أن المسؤولية عليه مضاعفة، في أن يتيح المجال للقانون أن يتحرك بوجه من يعتدي أو يقذف أو يشتم وهذا هو دور الأنظمة التي وضعت لمكافحة الجرائم الإلكترونية وسواها، لكن أن يقلص من تغريد العصافير الجميلة لمجرد وجود أسماء تتجاوز الحدود في النقد فإن هذا لا يمكن أبدا تأييده لأن الكلمة يجب أن تكون حرة طليقة.