ما من شك في أن الألبسة لها مواضعها، وأوروبا هي منبع “الإتيكيت” والدقة في اختيار اللبس تبعاً للمناسبات وأجوائها. جدل يدور في فرنسا حول ارتداء وزيرة الإسكان: سيسيل ديفلو للجينز في اجتماع مجلس الوزراء الأول لحكومة اليسار الجديدة، بينما ارتدى الكل الحلل الرسمية، ربما أرادت – وهي رئيسة حزب الخضر – أن تعبر عن البساطة التي يحاول اليسار أن يرسمها في ذهن الفرنسيين بعد البهرجة التي كان يتمتع بها ساركوزي.
من التعليقات الطريفة تعليق: روزلين باشلو التي تتولى حقيبة الصحة، إذ كتبت تغريدة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، بحسب “العربية.نت”، قائلةً: “بصراحة إذا كان السروال الجينز الذي ارتدته ديفلو صُنع في فرنسا فقد أحسنت صنعاً بارتدائه في اجتماع مجلس الوزراء”! فالمسألة قومية، خضع الجينز للنقاش القومي بين الفرنسيين. أشعلت بهذه الحركة خيال الفرنسيين حول اللبس ونظمه والتقاليد التي تدرب الناس عليها، ولا تختفي “غيرة النسوان” ربما حين علقت نادين مورانو – وهي وزيرة سابقة – قائلةً: “أنا أتحدث بصورة شخصية، فعندما تكون ممثلاً للشعب الفرنسي يجب عليك أن تفرق بين ملابس اجتماع مجلس الوزراء وملابس عطلة نهاية الأسبوع”.
وإذا رجعنا إلى “التاريخ السياسي للبنطلون الحريمي” من تأليف الفرنسية: “كريستين بارد” نجدها تشير: “أن أول امرأة فرنسية تمكنت من أن تنتزع من المجتمع الرسمي الفرنسي الموافقة على منح المرأة حق ارتداء البنطلون في المصالح الحكومية كانت ميشيل أليو ماري وزيرة العدل الفرنسية السابقة”.
الغريب أن الكتاب يكشف أيضاً عن أنه وفي 1976 احتد رئيس الوزراء على وزيرة التعليم العالي آنذاك وذلك لإصرارها على ارتداء البنطلون خلال جلسات مجلس الوزراء. تقول المؤلفة: “إن شيراك لم يجد حرجا في تأنيب وزيرته أمام بقية الوزراء قائلا لها: عندما تحضرين جلسات مجلس الوزراء وأنت ترتدين البنطلون فإنك لا تكتفي فقط بتشويه صورة الحكومة ولكنك تشوهين أيضا وجه فرنسا”!
قال أبو عبدالله غفر الله له: يبقى “الجينز اليساري” مجرد شكل، وليت أن الأعضاء في الحكومة انشغلوا بالاقتصاد الفرنسي الذي يتنفس بصعوبة، وتزداد مشاكله وأزماته، فالدراجة اليسارية أو الجينز اليساري، ليسا كافيين لإصلاح الاقتصاد الفرنسي، عودة اليسار إلى الواجهة في فرنسا تجعلهم أمام تحدياتٍ كبيرة كما قال ساركوزي، وسيبدؤون من واقع صعب ولا يمكن اختزاله بأشكالٍ وأرديةٍ تلبس. فلننظر ماذا يفعل اليسار للعالم حتى نرى أن الإعلام لا يشغله إلا درجة الرئيس وجينز الوزيرة.