مرّ على العراق سبعة أشهر من دون حكومة. وتعثر التشكيل يعتبر الأطول في تاريخ العصر الحديث. صارت الديموقراطية العراقية معضلةً بعد أن كنا نظنّها حلاً. لم نفكّر يوماً أن الديموقراطية تنبت من أسفل ولا تهبط بالبرشوت، والديموقراطية تأتي بالتفاهم والحوار ولا تأتي بالتآمر والدسائس واستدعاء الخارج ضد الشعب. لكن التعثّر هذا لم يهزّ العالم بما يكفي بينما هزّ الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فأصدر بياناً نطق بحرقةٍ المتألم على حضارة العراق، وتاريخه، وقبل ذلك إنسانه.
وجه الملك بياناً سياسياً ليكمل به مشروع المصالحة العربية الذي بدأه في الكويت، من منطق العارف بالعراق المدرك لعظمته، خاطب عبدالله بن عبدالعزيز العراقيين بقوله: “إنكم شعب تاريخ وحضارة وأصالة وعزة ، وثراء إنساني، لا يمكن لأي كائن كان أن ينكره أو يهمشه، وهذا يحتم عليكم إعمال العقل، واستنهاض الهمم، أمام مسؤوليتكم التاريخية والوطنية، للمحافظة على مكتسباتكم، وحق أجيالكم القادمة بالعيش بكرامة وعزة”.
يتطلع السعوديون لاستضافة كافة أطياف العراق سياسياً للتباحث والتشاور بعيداً عن المؤثرات أو الضغوطات، سيكون اجتماع الرياض كما كان اجتماع الطائف أو مكة أرضية صلبة للانطلاق إلى تفاهم سياسي يبحثه العراقيون بأنفسهم.
قال أبو عبدالله غفر الله له: انطلق الملك من بدهية أساسية أن الأحزاب تتكامل ولا تتنافى، وأن لا حزب يستطيع حكم العراق منفرداً والديموقراطية بمعناها الحقيقي تعني التصويت والتحاور والتشاور، وقبول الآخر، لا نفيه، وإقصاءه، لئلا يكون العراق أسقط في 2003 صدام وأنبت بديلاً عنه جملة من الصدّاميين، من الضروري أن يصل الساسة العراقيون إلى حل لهذه المشكلة، فالواقع العراقي المأساوي لا يليق بمجد العراق ولا عظمته ولا قيمة أهله.
كلنا نرجوا أن لا نردد يوماً:
في فمي يا عراق ماءٌ كثير
كيف يحكي من كان في فيه ماء