من أكثر الأجهزة في الدولة التي تثير جدلاً محتدماً باستمرار، جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأنه جهاز يرتبط بأخلاق الناس وشرفهم ومحارمهم، وكل حركةٍ خاطئة يقوم بها أحد الأعضاء في الهيئة تنعكس سلبياً على حياة امرأة، أو مستقبل شاب، أو ربما فككت أسرةً بكاملها.
المحاولات التي يطرحها الكتاب على الحكومة لتطوير الهيئة لم تفشل بعد، ما زلنا نحاول أن نطورهذا الجهاز ليكون مع الناس لا ضدهم. العمل الذي يقوم به رجل الهيئة على مستوى من الحساسية لدرجة أن القبض على فتاة بريئة ربما يتسبب بطلاقها، أو إنهاء مستقبلها العائلي، أو أن تبقى شريدةً طريدةً بسبب هذا الخطأ الفادح الذي ارتكب.
انتظرنا كثيراً من رؤساء الهيئة السابقين، وكتبتُ مقالاتٍ عديدة في نقد عمل الهيئة لكن لم نجد أي صدىً لما نطرحه. بالأمر الملكي الذي صدر قبل أمس تجدد الأمل فينا، وفي كل المجتمع السعودي بأن يطورعمل هذه الهيئة، لأن توظّف الأكفاء الغيارى على الناس، الحريصين على تغليب الستر على الفضيحة، لا المتربصين المتحفزين الذين ينتظرون أي خطأ أو هفوة تمكنهم من الاقتصاص من الناس، متناسين القاعدة الكبرى في الفقه الإسلامي وهي أن الأصل في الإنسان البراءة. عمل بعض أعضاء الهيئة على مدى سنوات كان يسير على قاعدة: “الأصل في الإنسان الخطأ حتى تثبت براءته”.
حرمات الناس ليست رهناً بيد شخصٍ يلاحقهم كائناً من كان، فالله أعلم بالسرائر.
الآن جاء على رأس هرم هذا الجهاز شخص حضاري لديه آراء متطورة في الفقه الإسلامي وهو الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، سيرته العلمية تثير الأمل فينا، وهو الذي طرح رؤاه المنفتحة من شرائح المجتمع كلها، من الرجل ومن المرأة معاً، بل كتب مقالةً عن جواز عمل المرأة “كاشيرة”، وكذلك له آراء متطورة أخرى سبق فيها مجايليه. الكثير من الأمنيات التي انتظرناها هي رهن عمله، وهي مطروحة مرة أخرى على مكتبه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: ليكن الشيخ شجاعاً في قراراته وخياراته، فالتمدد لأي جهاز بحيث يصل إلى خصوصيات الناس ليس مقبولاً أبداً، وأقترح تخصيص قسم للرقابة والمحاسبة داخل جهاز الهيئة بحيث يكون مسؤولاً عن كل خطأ أو تجاوز يقوم به أي عضو مهما كان. وفق الله الرئيس الجديد وجعله عوناً ومصدر إشعاع للمجتمع.