لفتت القناة الأولى السعودية من خلال تقرير بثته في برنامج “صباح السعودية” إلى ظاهرة “التاكسي السعودي”! ومن خلال التقرير الميداني القصير تبين أن السائق السعودي للتاكسي لا شعبية له، لأنه سعودي!
يذهب السعوديون إلى كل مكان، فيجدون سائقي التكاسي من مواطني البلد نفسه، فالإنجليزي هو من يقود التاكسي في بلده، وكذلك الأميركي، والمصري واللبناني، وربما كان الاستثناء في دول الخليج، ما خلا استثناءات بسيطة في السعودية والبحرين وعمان، ومع ذلك فكثير من السعوديين لا يستوعبون الركوب مع تاكسي يقوده سعودي من أبناء جلدتهم. بعضهم يخاف أن يكون قائد التاكسي قريبا لهم، أو ولد عم خالهم، ويبوح بأسرار جولاتهم في الأسواق، أو أن يكشف عن سر حين يذهبون إلى المستشفى!
“الجحادة” في المجتمع تعني: أن هناك أسرارا خارج نطاق التداول، خارج إطار البيت، وهذا شيء صحي حين تكون تلك الأسرار حقيقية، لكن تتضخم حالة “الجحادة” في مسائل عادية، مثل التقديم على شغالة، أو التكتم على نبأ عزيمة، أو الحرص على الحفاظ على سرية خبر عادي جداً مثل “ارتفاع حرارة ابنك الصغير”! جزء من خوف بعض السعوديين من التاكسي السعودي أن يكون يعرفهم حتى لو أنهم لم يعرفوه، لهذا يمكن اعتبار “الجحادة” تلك الظاهرة الاجتماعية التي لم تدرس أحد أسباب تدني ثقافة الالتئام الاجتماعي، وأحد أكبر الأخطار التي تهدد الثقة بين الناس.
من ناحية أخرى؛ يريد الناس الأجنبي لأنهم “يأخذون راحتهم معه” بإمكانهم أن يقولون له: “شغل MBC FM” من دون أن يقول لهم حرام، أو أن يخطئوا في وصف المكان المراد الذهاب إليه من دون أن يرفع صوته عليهم أو يبدي تبرماً، يستطيعون أن يأمروه فيأتمر.
أعرف أن بعض السعوديين يقود سيارته الأجرة، وهو يعتبر أنها ملكه فيمارس فيها ما لا تجب ممارسته دون إذن الزبون، كالتدخين، أو اختيار الإذاعة، أو الاكتفاء بفتح الشباك دون التكييف، وهو نقص في ثقافة المهنة، ولكننا يجب أن نساعد بعضنا البعض، ونحاول أن نرفع من مستوى مهنيتنا في المقابل، حتى لا نجعل سعوديين، يضطرون لارتداء البنطال والقميص، والتمثيل بأنهم أجانب حتى لا يكتشف الزبون أنه سعودي فيقول له: سعودي؟! “امش يا أبو الشباب”!