أول مرة سمعت فيها إسم أبي محمد المقدسي، عصام برقاوي، الأردني الجنسية، الفلسطيني الأصل، الكويتي النشأة، التكفيري التوجه، كانت عندما بث التلفزيون السعودي اعترافات مرتكبي تفجير العليا في عام ،1996 وأعلنوا تأثرهم بالمقدسي قراءة ومقابلة·
وجولة سريعة في موقع المقدسي على الإنترنت تنبئك بفكره، وتطلعك على توجهاته، فكيف بقضاء وقت طويل بين صفحات الموقع الذي ينضح بالتكفير، ويجمع بين طياته أطروحات متباينة تجتمع كلها في تهييج الرعاع·
بل إن أول ملمح هو مسمى الموقع، وهو ”التوحيد والجهاد”، وترى أن التوحيد عندهم هو التكفير، والجهاد هو الخروج على حكام المسلمين!
يمكنك أن ترى روابط لرسائل أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وعبدالله الرشود والرابط معزز بصورة له، مأخوذة من مقطع مصور وهو يعلن تهديده للحكومة السعودية ضمن ما يسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعلى الصورة كتب بخط بارز: قنديل من الجزيرة أضاء بدمه أرض العراق· والرشود بالمناسبة نعاه قبل أشهر أبو مصعب الزرقاوي على اعتبار أنه قتل في العراق، بل ووصفه بـ”شيخنا”· والرشود كان على رأس قائمة المطلوبين لوزارة الداخلية السعودية·
وعندما تبحث في الموقع تجد أن الموقع يجمع مقالات وآراء تصنف أسامة بن لادن بأنه ”مجدد الزمان وقاهر الأميركان” كما في موضوع كتبه أبو جندل الأزدي، وهو فارس بن أحمد بن شويل الزهراني، أحد المراجع الشرعية لأفراد تنظيم القاعدة في السعودية، والذي سقط في أيدي رجال الأمن في مدينة أبها عاصمة منطقة عسير في 8/5/·2004
ولأبي جندل من الرسائل في موقع المقدسي: رسالة في تكفير قوات درع الجزيرة، وهي القوات التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي، وأخرى بعنوان ”الباحث في جواز قتل رجال المباحث”، ويفتي فيها بجواز قتل رجال المباحث والأمن، ورسالة”تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال”·
هذا بالإضافة إلى من يكتب رسالة شوق إلى أسامة بن لادن، ومن يتفنن في إجابة سؤال: ”لماذا أحب أسامة بن لادن؟!”· أقام المقدسي في الأردن في عام 1992 بعد أن كان مع والده مقيمين في الكويت، لكنهم خرجوا منها بعد الغزو العراقي للكويت، وبين التسعين واستقراره في الأردن تردد على أفغانستان وباكستان، وهنا وهناك، نهل من معين التكفير، وبثه حيثما ذهب، ونشره حيثما حل·
اعتقل المقدسي في الأردن أول مرة في عام 1994 بعد توفيره متفجرات لبعض التكفيريين· ثم أفرج عنه واعتقل مرات وأطلق· من المرات التي اعتقل فيها إفتاؤه بجواز اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، واعتبرها أعمالاً جهادية مشروعة·
وخلال اعتقالاته توثقت علاقته بأبي مصعب الزرقاوي الذي يعتبر تلميذاً في مدرسة المقدسي التكفيرية، وخلال إحدى مرات سجنهم كان المقدسي أميراً لمجموعة من المعتقلين الذين يوافقونه في الفكر والتكفير، وفيهم الزرقاوي، ثم تنازل المقدسي عن الإمارة للزرقاوي بعد عام، لكن الأول قال إن الزرقاوي كان لا يخرج عن آراء المقدسي الشرعية وفتاواه، حتى خرجا من السجن فاختار الزرقاوي الخروج إلى أفغانستان وكردستان فالعراق، واختار المقدسي البقاء في الأردن·
ولا يزال المقدسي يثني على الزرقاوي ويعتبره ”من أهل الخير المجاهدين ومن أهل السنة”· هذا هو المقدسي الذي تتردد الحكومة الأردنية في اعتقاله، ولا يتردد هو عن تكفيرها كما تنضح بذلك مقولاته وكتاباته، وجلها من داخل سجونها·
كيف ستتعاطى حكومة الأردن، بعد أن كلفها الملك عبدالله الثاني بأن تكون مواجهة التكفير في أولى اهتماماتها، مع أفكار المقدسي ومن سار على نهجه، وهذه هي أقوالهم؟ والجواب في المقبل من الأيام···
جميع الحقوق محفوظة 2019