خلال السنوات الماضية، ومع صعود الصحوة الإسلامية، مرت علاقة المجتمع بالرياضة بالكثير من التوتر. لأسبابٍ كثيرة، تبدأ بالملابس ولا تنتهي بالمدرجات التي قيل إن الشباب الضال يقطنونها ويستقطبون الصغار للتدخين، وأحياناً يتهور بعضهم بالتحذير ويقول إن المدرجات توزع فيها المخدرات. لكن يبدو أن الجليد قد بدأ يذوب. في المواقع التفاعلية نقرأ لدعاة يبدون آراءهم في الرياضة. أحد الدعاة طالب بـ”ثورة” داخل النادي الفلاني، والدعاة الآخرون يتحدثون عن الرياضة بكل هدوء، لقد خف التوتر الذي طحن تلك المرحلة.
الرياضة جهد إنساني وفطري، ولا بد لأي مجتمع أن تكون له سبله الرياضية، من أجل تنمية الذات، وتقوية الجسد، ومن أجل المتعة. يبالغ البعض فيجعل لكل شيءٍ هدفاً، متناسياً أن الإعلام جزء من مهمته أن يكون ممتعاً. وألا يتدخل في خيارات الناس ورغباتهم. على القناة نشاهد المباراة بين الفريقين، لا يتدخل بك أحد في ذوقك، إذا أردت أن تشجع الفريق هذا أو ذاك. كلا الفريقين أمامك بنفس جودة التصوير، والمعلق يعطيك تفاصيل المباراة. المباراة والرياضة متعة أولاً، مثلها مثل الإعلام. وهذا يبدو أنه من أسباب توتر العلاقة بين الصحوة وبين الرياضة والأندية.
الغريب أننا في التسعينيات سمعنا عن “توبة” اللاعبين، ما بين لاعبٍ وحارس! ولا أدري ما الذي يتوب منه اللاعب، وأحد الدعاة تاب من وظيفته الرياضية حيث كان “حكماً” وهكذا. الرياضة شيء متاح ومباح، ولا تدل تلك التوبات المتعددة إلا على صورة الرياضة المشوهة. الرياضة أن يلعب الإنسان ويمتع المشاهدين شيء لا أرى فيه أي مبررٍ للتوبة. يمكن للإنسان أن يتوب عن المعاصي لكن من الذي قال إن كرة القدم معصية؟!
أتمنى من الصحوة الإسلامية برموزها مراجعة الكثير من الأفكار التي نشرت، سواء حول تشويه الفن، ووصفه بـ”العفن” أو على مستوى الرياضة. لا يمكن لأي مجتمعٍ أن يخلو من الرياضة والفن، وإلا لمات المجتمع ودفن، وكبرت عليه الحياة أربع تكبيرات.
قال أبو عبدالله غفر الله له: الرياضة حياة، وهي وسيلة للترويح تارةً وللمتعة تارةً ولتقوية الجسم وتنظيفه تارةً أخرى، فلا تحاربوا الرياضة بل شجعوها، وشكراً للدعاة الذين بدأوا ينزلون إلى الناس ويتحدثون معهم عن الرياضة بعد أن كانوا ينفّرونهم منها.