كلنا نتذكر الخطابات التي يلقيها بعض الزعماء الانقلابيين ضد إسرائيل. بداية من صدام حسين وليس نهاية ببشار الأسد مروراً بمعمر القذافي ثم علي عبدالله صالح. خطابات فصيحة ومليئة بالشعر والتأثير الوجداني ضد إسرائيل وخطرها وتدميرها للعرب والعروبة. بعد الثورات العربية الحالية تبين لنا أن هناك أنظمة بمستوى وحشية إسرائيل، أو تزيد! الذي فعله القذافي بشعبه فقط لأنهم قالوا له لا نريدك، أكثر مما فعلته إسرائيل بالشعب الليبي، بل إنها لم تفعل ضده أي شيء. كذلك بشار الأسد الذي يصبح رموز نظامه وأنصاره ويمسون على هجاء إسرائيل والتحذير منها، وحينما قال له الشعب ارحل، أخذ يسحقهم ويبيدهم، بشكل مخيف ومخز وغير مسبوق في التاريخ المعاصر. كان الكاتب السعودي، عبدالله القصيمي يشير في كتاباته إلى ضرورة إسرائيل لبقاء الديكتاتوريات، لأن إسرائيل لو انتهت فإن الشعوب ستلتفت إلى الأنظمة، التي ربطت كل مصالح الشعوب بحل قضية فلسطين! قالوا: لا تنمية إلا بعد أن تحرر الأراضي العربية، العزة والكرامة والشهامة قبل التنمية، الديمقراطية نعززها بزوال إسرائيل، إسرائيل هي العدو الذي يتربص بالأنظمة كلها سوء العذاب. لكن بعد الثورات تبين العكس، الكثير من الأنظمة تخاف عليها إسرائيل ولا تتمنى زوالها، ولذلك ذرف الإسرائيليون الدموع أكثر من غيرهم على سقوط الرؤساء في الربيع العربي. قل ذلك تحديداً عن سوريا، لأن النظام السوري الحالي لم يطلق رصاصةً واحدة ضد إسرائيل، بل حلّقت الطائرات فوق قصر الرئيس الأسد ودخلت طائرات أخرى وفجرت مصانع عسكرية وحربية ولم تفعل سوريا شيئاً، ولم نر الدبابات السورية؟ والطائرات السورية؟ إلا في مواجهة الشعب المسالم! بات تصديق الأنظمة الانقلابية حين تزايد على الشعوب بعدائها لإسرائيل نكتة سمجة صعبة الفهم أو التصديق، والحقيقة أن إسرائيل التي شتمناها كثيراً، تصرح بعداوتها للشعوب العربية بينما الحاكم العربي يقول لشعبه أحبكم وسأقتلكم! أتمنى أن لا نطمئن للخداع اللفظي الذي مورس منذ الاحتلال الإسرائيلي! لأن النظام الذي يريد أن يبقى يخترع عدواً يزعم أنه عدوه فعلاً مثل إسرائيل بينما هم أصدقاء في الخفاء، كما هو حال الكثير من الأنظمة التي سقطت كانت على علاقة بإسرائيل سراً أو علناً، وكانت تصمّ آذان الشعوب بأن بقاء هذا النظام هو الذي سيزيل إسرائيل وهو الذي سيبيدها. لقد طالب الكاتب والمؤلف اللبناني، “علي حرب”، حين استضفته بـ”إضاءات” قبل أسبوعين، بإعادة النظر في معنى”البطل” الذي كان مهيمناً على خيالات العرب، منذ عبد الناصر وإلى الزعماء الآخرين ورؤساء الدول الانقلابية العسكرية الحربية، لأن هذا يحرر أذهان الناس من الخدع، وقياساً على هذه الدعوة من الواجب أن لا نركن إلى العداوات اللفظية الخادعة. إسرائيل العدوة التي نعرفها ونعلم جيداً مستوى تربصها بنا، لكن الكلام الكثير الذي قيل عن عداوة بعض الأنظمة الانقلابية لإسرائيل ليس سوى حبرعلى ورق، وكلام مرسل في الهواء. فرق بين من يفجر بشعبه ويضع التهمة على القاعدة مثلاً، ويمارس الكذب والغش والخداع، لكن إسرائيل عدوة واضحة ووحشيتها صريحة، تقوم بكل الفضاعات لأنها عدوة، على عكس المخادعين الآخرين. هناك زيف كثير تكشف هذه الأيام فقط نحتاج إلى أن ننصت إلى معاني المجريات الحالية بكل عمقها … مهما كانت صادمة.عدونا الحقيقي… إسرائيل أم غيرها؟!
جميع الحقوق محفوظة 2019