لن يتطور أمن مجتمعٍ كثر كلامه وضعف نظامه. منذ اختراع الهاتف والمحاضرات والندوات عن “المعاكسات” لم تتوقف، حتى صار المعاكس “ذئبا” والفتاة “فريسة” وأذكر أن أحد الدعاة الفضلاء كانت له قصيدة يتداولها الناس وفي الكلمات بالمساجد ومما جاء فيها:
إن المعاكس ذئبٌ يغري الفتاة بحيلة
يقول هيّا تعالي إلى الحياة الجميلة!
لكن كل الكلام لا يقدم ولا يؤخر. الناس يعرفون خطر المعاكسات، والشباب كذلك. بل إن الشاب المعاكس قد أغلق الأبواب على أسرته في البيت خوفاً عليها من المعاكسين، ثم يفسّر عن ذراعيه لمعاكسة بنات خلق الله. وقد كتبتُ كثيراً وبحّ الصوت مطالبا بقانون للتحرش، وعقوبات رادعة وجادة ضد المعاكسين، لأن المعاكسة جريمة أمنية، وليست مجرد ورقة ترمى، أما التحرش فكل دول العالم المتطور تعتبره جريمة نكراء. بل إن بعض الدول العربية تسجن المتحرش خمس سنوات كاملات تامات.
نشرت صحيفة الوطن قبل أمس بعض الأخبار عن عقوبات صدرت بحق المعاكسين، جاء في الخبر الذي سأعلق عليه: “ذكرت مصادر مطلعة في “الهيئة”، أن أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز، وجه الجهات المعـنية بإيقاع عقوبة السجن 5 أيام بحق من تثبـت عليه تهـمة المعاكسة في الأسواق التجارية للمرة الأولى، وتشديد العقوبة على من يضبط مرة ثانية بالتهمة نفسها بالسجن 35 يوماً وإحالته للقضاء الشرعي لإيقاع العقوبة المناسبة بحقه”!
هذه العقوبات ليست كافية، الأولى أن يصدر نظام عقوبات بحق المعاكسات والتحرش، يتضمن لوائح ومواد، يكون نظاماً واضحاً معلناً تقوم عليه ورشة من القانونيين، وحين يصدر القانون ويعتمد يكون المقبوض عليه متجهاً إلى القضاء، وحينها يحكم عليه طبقاً للنظام المعتمد. أما العقوبات الخفيفة والتي لا تخيف أحداً، مثل السجن خمسة أيام وغير ذلك، وإعادته للقضاء إن تكرر فهذه إجراءات لم تنطلق من نظامٍ واضح ضد المعاكسين أو المتحرشين، إذ ما نزال نفتقر إلى هكذا نظام.
قال أبو عبدالله غفر الله له: موضوع المعاكسات برز على السطح من جديد بعد السماح للشباب بالدخول إلى “المولات”، وما لم يكن هناك قوة ضخ نظامية تعالج ما يمكن أن يحدث وينتشر فستنتشر الفوضى، ثم يلغى السماح للشباب، ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة… إن الأنظمة والقوانين أيها السادة… هي العلاج.