لا أدري لماذا نقحم الطائفية في كل عمل كبر أو صغر حجمه!
أصيب العالم الإسلامي بحماس شديد للانتماء المذهبي والطائفي أدى إلى تصنيف أي عمل فني أو سياسي أو اقتصادي على أنه عمل طائفي. مسلسل عمر بن الخطاب الذي ستنتجه مجموعة MBC اعتبره بعض المتعصبين من الطرفين عملاً طائفياً.
السنة اعتبروه انتصاراً ساحقاً لهم على الشيعة، والشيعة يتوجسون خيفةً منه ويظنون أنه يهدد عقيدتهم، أقصد بطبيعة الحال المتعصبين من الطرفين.
الشيخ وليد البراهيم حسم الجدل بتصريحه الأخير حين قال: “الهدف من العمل تصحيح تقديم التاريخ الإسلامي بشكل حقيقي وواقعي بعيداً عن التزييف والكذب، إنه عمل موجه لجميع المسلمين بمختلف أطيافهم، وكذلك لغير المسلمين لمعرفة حقيقة الإسلام ورموزه، إنه يقدم مثالاً رائعاً للمسلم المؤمن، لإعادة عرض التاريخ وتصحيحه وحفظه قدر الإمكان عبر الدراما، وذلك بحسب الروايات الأكثر دقة وتدقيقاً لتلك المرحلة، داحضاً تعدد الروايات من قبل من أساء ويسيء للتاريخ الإسلامي الجامع، عن قصد أو غير قصد، ومن مختلف الأطراف”.
قلت: ومختلف الأطراف تشمل المتعصبين الذين يرون في أي عملٍ فني أو درامي أو سياسي أو اقتصادي على أنه عمل معهم أو ضدهم. مع أن شخصية عمر بن الخطاب من أكثر الشخصيات الإسلامية تأثيراً في التاريخ. كان أول من استفاد من الحضارات في علوم الإدارة وفي تأسيس ثقافة الدواوين وتوزيع المؤسسات. لم يكن عمر بن الخطاب رجلاً عادياً، كان ذا دور عظيم في بناء الثقافة الإسلامية، ومن الصعب إلغاؤه، كما أنه ليس ملكاً للسنة ولا للشيعة، بل ملك للمسلمين جميعاً.
قال أبو عبدالله غفر الله له: هدف الفنّ إيجاد طرق أخرى لعرض الشخصيات العظيمة، سواء كانت معاصرةً أو قديمة. وعلى طول مدة عملي في مجموعة MBC كانت الفكرة الأساسية للمسؤولين فيها أن تحصّن القنوات من الصراعات الأيديولوجية والحزبية من مختلف الأطراف. وأن يكون الهدف من العرض دائماً أعلى من النزعات الشخصية أو الحقد التاريخي. بل تكون الأعمال في خدمة الهدف الإعلامي، أو عرض التاريخ بصورة أكثر وضوحاً كما في مسلسل القعقاع الذي عرض في رمضان الماضي.
من الصعب إقناع المتعصب بأنه متعصب، لأن كل المتعصبين يرون أنهم قمم الاعتدال. والقرد في عين نفسه-وليس فقط في عين أمه- غزال!