قبل أيام، احتفل القائمون على الجناح السعودي، في «إكسبو دبي»، بزيارة ما يزيد على 500 ألف إنسان للجناح، متفوقين على 193 جناحاً لدول تشارك في «إكسبو»، ولئن كانَ تميّزُ الجناحِ، بتصمِيمه الفريد، وتنوُّعِه الثري، من عواملِ الإقبالِ الكبير على الجناح، إلَّا أنَّ كرمَ الضيافة، وطلاقةَ وجوهِ شبابِنا وبناتِنا وبشاشتَها، وابتساماتِهم التي تستقبل الزوارَ وتودّعُهم بمحبة، تسبق إبهارَ الجناح السعودي ضيوفَه، عندما يأخذهم في رحلة استكشافٍ غيرِ مسبوقةٍ للمملكة العربية السعودية، عبرَ محتوًى غنيّ متعددِ الوجوه، يعكسُ روحَ البلاد الشابة، المرحّبة بالعالم، والمنطلقة نحو مستقبل يشعُّ ازدهاراً. تصميم الجناح المتفرد، يشمخ مرتفعاً عبر أحد طرفيه باتجاه السماء، مستلهماً عبارة عرابِ رؤيةِ المملكة 2030، وليّ العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يوم قال: «نحن السعوديين، طموحُنا عِنانُ السماء».
إثرَ تدشينِ الجناح السعودي في «إكسبو دبي 2020» سألني صحافيٌّ، عن أكثر جانبٍ يدعوني للفخر بين جنباتِ الجناح؟ قلت له: إنَّ كلَّ شبر من جناح بلادي، بما حواه من ثراءٍ وتنوُّعٍ وجمالٍ وجلال… بناسِه، وثقافاتِه، وتراثِه، وتضاريسِه، وعاداتِ أهله، يزيد يقيني القديم المستمر بعظمة وطني، وسموّ مكانتِه، وعلوّ منزلتِه… لكن أكثر ما يكسوني زهواً، ويملأني شرفاً، ويجلُّني فخراً وعزاً، هم ثلاثمائة شابٍ وفتاةٍ من أبناء السعودية، يستقبلون كلَّ يومٍ عشرات الآلاف من الزوار، بكرمٍ وسخاءِ نفس، وطلاقةِ وجهٍ؛ واحترافيةٍ راقية.
يتقنُ هؤلاء المبدعون 13 لغةً، فيحدّثون كلَّ ضيفٍ يزور الجناح، بلغتِه، وألسنتُهم تلهَجُ بعباراتِ الحفاوة والترحيب. لا تفارقُ محيَّا واحدٍ منهم ابتسامةٌ تضيف جمالاً لجمالهم، ولا تغادر وجهَ أحدِهم بشاشةٌ تشرحُ صدرَ كلّ قاصدٍ جناحَهم، كأنَّما يتسابقون على البرّ، الذي بسَّطَه، سفيان بن عُيينة (ت198هـ) بقوله:
أَبنَيَّ إنَّ البرَّ شيءٌ هيّنٌ وجهٌ طليقٌ وكلامُ ليّنُ
يسعون حثيثاً في كسب الفضائل، بخدمةِ قيادتِهم، وحسنِ تمثيلِ وطنهم. أَلَمْ يقلْ، محمد بن حازم (ت810هـ):
وما اكتسبَ المحامدَ طالبوها بمثلِ البِشرِ والوجهِ الطليقِ
وقد ورثَ أبناءُ وبناتُ سلمان بن عبد العزيز خصالَ الكرم، وطباعَ السخاء، كابراً عن كابر، ولا جود بلا بشاشة؛ تلك التي عرفها الرازي، في (مختار الصحاح)، بأنَّها: «طلاقة الوجه، وقد (بشَّ) به يَبَشُّ. ورجلٌ هَشٌّ بَشٌّ؛ أي طلق الوجه».
يقدّم الجناحُ السعودي في حللٍ قشيبة، وعروضٍ مبهرة، المكوناتِ الحضاريةَ والتنمويةَ للمملكة العربية السعودية، متضمنةً؛ الطبيعةَ الغنيةَ، والتراثَ العريقَ، والمجتمعَ الحيويَّ، والفرصَ الاقتصاديةَ التي تقدّمها المملكة للعالم…
إنَّ رحلةَ الاستكشاف المثيرة، هذه، يقودُها، نجومُ السعودية، وسفراؤها المميَّزون؛ ثروتها الحقيقية؛ الـ300 شابٍ وشابةٍ، الذين وصفَ أبو تمام، كلَّ واحدٍ منهم، بأنَّه:
هَشٌّ إذا نزلَ الوفودُ ببابـِهِ سهلُ الحجابِ مهذَّبِ الخدامِ
وإذَا رأيتَ صديقَه وشقيقَـه لم تدرِ أيّهما أخو الأرحَـامِ
يتمثّل ويمتثل هؤلاءِ الأبطال، التوجيهَ النبويَّ، القائل: «إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالِكم، فليسعْهُمْ منكم حسنُ الخلق، والقوهُمْ بطلاقةِ الوجهِ وحسنِ البِشْر». فمن يعتريه بعد ذلك عجبٌ، من بشاشةِ الوجوه، وتراحيبِ الابتسامات؟!
كلَّما رأيتُ شاباً أو شابةً من إبطال الجناح السعودي، يستجيبُ بفرحةٍ لسؤالِ زائر، تذكَّرت أنَّ هؤلاء أحفادُ زهيرِ بن أبي سُلمى (ت609م)، الذي وصفَ كلاً منهم، ببيتِه البديع:
تراهُ إذَا ما جئتَه متهلّلاً كأنَّكَ تعطيه الذي أنتَ سائلُه
لقد شهدت المملكة العربية السعودية تحولاً كبيراً في سنواتها الأخيرة، شرعَ الأبوابَ، وهيَّأَ الفرصَ لهؤلاء الشباب، فأطلقوا عِنانَ مواهبِهم، ونثروا عبقَ إبداعاتِهم، في ظلّ دولةٍ منفتحةٍ على العالم، معتزَّة بإرثها التليد، وتاريخِها المجيد، ورؤيتِها الطموحة، المتطلعة للأمام، المستشرفة للمستقبل، مسترشدةً بأجندة رؤية المملكة 2030 الخلاقة، التي أطلقَها ويرعاها الأمير الملهم، محمد بن سلمان، وهو مَنْ آمنَ أنَّه يقودُ أمةً، لن تنهضَ تجاه ما يليق بها من مكانةٍ، من دون الاعتماد على شعبٍ شغوفٍ، وصفَ وليُّ العهدِ همَّتَه بأنَّها مثلُ جبل طويق.
واسمحُوا لِي أنْ أعترفَ لكم، أيُّها السيداتُ والسادة، أنَّ شبابَنا وبناتِنا أوقعوا زوارَ جناحِ السعودية بـ«إكسبو دبي 2020» في فخ، أسهمَ في تحقيق رقمِ زياراتٍ قياسي تجاوز نصفَ المليون زائر!
أمَّا تفاصيلُ هذا الفخ، فيشرحُها عليُّ بنُ أبِي طالب، رضيَ اللهُ عنه، بقوله: «البشاشةُ فخُّ المودَّة»!
جميع الحقوق محفوظة 2019