قلت لأبي دحيّم: كيف تنظر إلى ما نشرته صحف عربية قبل فترة نقلاً عن نشرات أصدرها متطرفون، تتحدث عن تعليمات منظمة ”القاعدة” إلى أنصارها وكوادرها، بالإقلاع عن ممارسة الجنس، وترك أكل الكبسة، والحرص على ممارسة الرياضة؟
فرد أبو دحيّم وابتسامة صفراء تكسو تجاعيد وجهه السبعيني: ”هذي بالتأكيد مؤامرة، ضد ”الكبسة” الأكلة السعودية الشعبية الأولى”· وأضاف: إنها محاولة لضرب اقتصاد البلد، وثقافته في الأطعمة·
كتمت ضحكتي، وتساءلت: ولصالح من هذه المؤامرة يا أبا دحيّم؟
فأجاب: أكيد لصالح ”التميس” (الخبز) الأفغاني!
سألته: ولكن لماذا أشارت تعليمات ”القاعدة” لمجاهداتها بعدم الإفصاح عن توجهاتهن الفكرية حتى لأقرب الناس وبالذات إذا كان القريب من الدرجة الأولى كزوج ونحوه؟
قال أبو دحيّم: ”لاحظ أن الزوجة ستتوقف عن أكل الكبسة، لكن تنبه إلى أن التعليمات لم تأمرها بالتوقف عن طبخ الكبسة لزوجها! وهنا مربط الفرس، وإن شئت فمربط البعير”·
– كيف؟
استمتع أبو دحيّم، بطلبي له أن يكون أكثر إيضاحاً، وأن يسهب في شرح فكرته، وقال: ”عندما تنتفخ كرش الزوج جراء تتابع طبخ الكبسات، لا تحتاج المجاهدة المنتظمة في صفوف القاعدة للبحث عن هدف للتفجير، فتبدأ بكرش الزوج، فتحقق بذلك هدفين؛ الأول: أن تفتك منه ومن غثاه· والثاني: أن تمتثل لتعليمات الزعماء بإنكار المنكر، وإزالة مظاهر الفسق والفجور”·
– ولكن لماذا اعترض بعض المتشددين على ممارسة الطالبات السعوديات للرياضة في مدارس البنات، فيما تحث تعليمات ”القاعدة” مجاهداتها على الرياضة؟
عدّل أبو دحيّم جلسته، وقال بخبث: ”لأن الرياضة في المدارس، تتم بإشراف غير مباشر من الحكومات الكافرة في نظر القاعديين، فيما تمرينات القاعدة، تأتي من قبل منظمات إسلامية، يكفي مقصدها الخير، ونيتها الحسنة لتحويل الحرام حلالاً، والممنوع مسموحاً”·
ولماذا أخفي الوجه من الرسوم المبسطة للتمرينات يا أبا دحيّم؟
أجاب أبو دحيّم الذي كان أستاذاً في التقاط الإشارات غير المباشرة بقوله: ”لسبب رمزي، فاختفاء الرأس في الصورة مطابق لحالة التنظيم الذي يختفي رؤوسه في الجبال، ويبعثون بشباب البلاد لمواجهة الأخطار، ثم يخرجون كل كم شهراً بشريط يثنون فيه على بطولات هؤلاء الشباب”·
وبينما سيطر علي الوجوم وأنا أتلقى إجابات أبي دحيّم، إذا به يعاجلني بسؤال: ألم تستغرب نهي التعليمات القاعدية أعضاءها المتزوجين عن ممارسة الجنس· فعلام يدل هذا؟!
زممت شفتي، منتظراً إفادته، فقال: هذا أولا يؤكد أن من يقول إن ”القاعدة” تهدم ولا تبني، وإنها لا تقدم مشروعاً بديلاً للمشروع الذي ترفضه، مخطئ تماماً! وزاد: أحس منظرو ”القاعدة” بأزمة الانفجار السكاني التي تعانيها بلادنا أخيراً، فمنعوا سببها، وهو ممارسة الجنس!
تركت أبا دحيّم وأنا أتمتم: أظن أن مشروعهم يتمثل بمواجهة الانفجار السكاني، بالتفجير السكاني!
جميع الحقوق محفوظة 2019