علم القائد الملهم معمر القذافي أن الثورات التي كان يؤيدها وأصبح يقمعها، بدأت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فيس بوك وتويتر، فأراد أن يبين لنا أنه يفهم الفرق بينهما. بين استفاضة فيس بوك وتشعبه، واختصار تويتر وتركيزه، استفاض القائد في قتل شعبه بالطائرات، وركّز تعليقه بظهوره في 22 ثانية، و140 حرفاً قال فيها إنه كان يريد أن يخرج للجماهير في الساحة لكن المطر أعاقه، وأنه في طرابلس وليس في فنزويلا كما يقول الكلاب. بدا الزعيم يؤدي الوصلة الأخيرة، في المسرحية الكوميدية التراجيدية، وربما أراد أن يُظهر لنا أنه يتمتع بخصائص جديدة، بالإضافة، إلى قمع الشعب، وحكمه بالحديد والنار أكثر من أربعين عاماً، وتأليف كتب الألوان، الأخضر والأبيض والبمبي، وهو فتى الإعلانات المتميز، والإعلان هذه المرة، لشركة شميسيات! حقاً شر البلية ما يضحك! ربما أراد الزعيم أن يضيف لألوان كتبه، لوناً أسود، كان معروفاً في سنوات حكمه، فلم يكن غريباً أن تنتشر في الإنترنت صور لجثث متفحمة من جراء القصف بالطائرات لليبيين! اللهم رحماك رحماك، بشعبٍ عربي أصيل، هو شعب ليبيا، صبر على ترهات الزعيم أكثر من أربعين سنة، فكافأة الزعيم بضربه بالطائرات! لم يحصل هذا في تاريخ البشرية كلها، أن يستخدم قائد، الطائرات في ضرب بني جلدته، ومواطنيه، لكنها أولويات القذافي، التي يتمنى ملايين الليبيين أن يأتي الله بنهايته! في تويتر علق أحدهم: بعد كتابيه الأخضر والأبيض ختمها بموسوعة حمراء. القذافي سيدخل مجلد التاريخ الأسود. لو تخلص القذافي من سجله الإجرامي، لكان يستحق لقب ملك ملوك… لا ليس لقب ملك ملوك إفريقيا، كما منح نفسه قبل أشهر، بل ملك ملوك الكوميديا السوداء! والغريب أن القذافي، ألح يلحُ إصراراً، على أنه ليس رئيساً، ولا منصب رسميا لديه، بل هو قائد ثورة الفاتح من سبتمبر، وليس أول العجائب أن يجتمع ملك ملوك إفريقيا، في ذات شخص لا مناصب له، ولا يحكم أحداً، فسلسلة العجائب مع الزعيم المهيب لا تنتهي! سهر الناس حتى صباح أمس، وهم ينتظرون خطاباً سليقيه الزعيم، يمتد ساعات على غرار بقية خطاباته، ففاجأهم القذافي بالاختصار، ربما للدلالة على المدة الزمنية المتبقية لعصر الطغاة، الذين يسحلون شعوبهم، ويضربونهم بالطائرات، ورحماك اللهم من قادة هكذا!
جميع الحقوق محفوظة 2019