لطالما امتدحنا مواقع التواصل الاجتماعي، وأثنينا عليها، لكن لا بد من نقدها أحياناً والتطرق إلى المساوئ الناتجة عنها!
كنتُ قد تحدثتُ عن الإشاعة وخطورتها في أكثر من مقال سابق، واليوم أتحدث عن الرؤية السلبية التامة للمجتمع السعودي. في “تويتر” مثلاً هناك “هاشتاقات” (أي صفحات ذات موضوع موحد) كثيرة تحدثت عن المساوئ الموجودة لدينا، لكن لو تأملنا بها لوجدنا أننا نشترك في تلك الأخطاء مع أممٍ أخرى. مثل رفع الصوت، أو الفوضوية، أو الخصوصية، وتلك العيوب يجب تسليط الضوء عليها بالتأكيد، لكن تسليط الضوء لا يعني الرؤية السلبية المطبقة لكل المجتمع، حتى وصل بعضهم إلى السخرية من “المرأة السعودية”، وهي التي أيقظت المجتمع وحملته وغذته!
أعجبتني رسالة جاءتني من قارئة رمزت لنفسها بـ”أم ثامر” تقول في الرسالة: “لاحظتُ أن النكت على السعوديين في تزايد، والمشكلة أنها تصدر من سعوديين، لماذا دائماً يسخرون من السعوديين. السعوديون هم أمي وأبوي وأجدادي وأخوالي وأعمامي وإخواني وأبنائي وكل أحبابي، بصراحة أعتبر الذي يسخر منهم يغار من نجاحاتهم، أو أنه إنسان لم يصل إلى درجات النجاح، الرساله موجهه لكل السعوديين”!
المجتمع السعودي ليس الأب لكل الشرور، إنه مجتمع ناشئ، يتلمس طريقه نحو الحياة، والمجتمعات لا تذهب إلى التقدم بالقفز، بل بالمشي، عمر المجتمع السعودي الحديث أقل من مئة سنة، ونحن نضربه دون هوادة بنماذج مقارنات مع دول أوروبا التي حفرت تاريخها على مدى قرون، أو بأميركا التي هي امتداد للحضارة الأوروبية بالأساس، هذا فيه إجحاف. كما أن بعض التدوينات والكتابات تركز على الأخطاء وكأن كل فردٍ سعوديّ كلٌ على مولاه، أينما يوجّهه لا يأتِ بخير!
بل في السعوديين الآلاف من المبدعين والأدباء والمفكرين والمثقفين والأطباء والمهندسين والإداريين المبدعين من الجنسين، وحازوا التقدير من أطرافه، فلماذا نتلذذ بنهش لحم المجتمع؟!
قال أبو عبدالله غفر الله له: أخشى أن تكون “المازوشية” وهي التلذذ بتعذيب الذات قد دبت إلى قلب النقد فصرنا لا نرى في صورتنا إلا الجانب المظلم! حتى وضع بعض الساخرين من مجتمعنا “مضحكة” للعالم، نعم لدينا أخطاؤنا لكن لنا إيجابياتنا أيضاً، ولنتحدث عن الإيجابيات ببعض الزمن الذي ننفقه للحديث عن العيوب.
أم ثامر وضعت عباراتٍ عاطفية نعم، لكنها عبارات تنم عن وعي وحب لمجتمعها وحب الخير له.