اليوم الأحد 12 ديسمبر، الساعة الواحدة ظهراً. أتابع الأخبار، كلما تأملتُ العناوين الرئيسية رثيت لحالنا. انفصال السودان، مضاربات بين الشرطة والبرلمانيين في الكويت، في مصر تأسيس برلمان شعبي وصراع سياسي حادّ، وفي الأردن 250 جريحاً من أجل خلافات حول مباراة كرة، وفي لبنان حزب الله يهدد المعارضين بلغة حادة:”انضبطوا ولا مهوب ازين لكم”!
كأننا بالفعل نعيش مخاضاً، لكن لا أدري إن كان في رحم شعوبنا جنين أم أنه لا يعدو كونه خديجاً، وقد يتمخّض الجمل فيلدُ فأراً. يحيل البعض كل هذا الجدل والفوران والغليان إلى طبيعة المجتمعات العربية التي تريد أن تتنفس بسبب طغيان السياسي ونفوذه.
أحد المحللين يعتبر ما حدث في الأردن من مضاربات دامية جاء بسبب الاحتقان السياسي، والبعض الآخر يرى أنها تتويج لمشاكل الأردنيين التاريخية. ولا تسأل عن مشاكل الفلسطينيين فيما بينهم حيث تحولت “القضية” إلى قضايا، وكل حزبٍ بما لديهم فرحون.
الإعلام يعكس صورتنا الفعلية أو يقاربها، ليست صدفة أن تكون الأخبار الأربعة الأولى في النشرة الإخبارية عن مضاربات أو مناكفات أو مشاكل مستعصية. الإعلام يخبرنا أننا نحل كل مشاكلنا بالـ”هواش”. في كل مكان عربي هناك “هوشات”، والهوشة لمن لا يعرفها: أن ترتفع الأصوات وتتشابك الأيدي على موضوع كان يمكن أن يحل بالحوار. تدرّب الناس على حل مشاكلهم بالمضاربات ورفع الصوت على طريقة: “ومن لا يظلم الناس يظلم”!
في الخليج الأمر أقل سوءاً إذ يحتفل الناس بقطر، وتزدهر الاستثمارات فيها بعد حصولها على فرصة استضافة كأس العالم 2022 وفي الإمارات هناك إنجازات كبيرة، وفي السعودية أيضاً هناك نجاحات اقتصادية واستثمارية، والبحرين وعمان دولتان شقتا طريق التفوق والنمو. لكن ما تحتاجه الكويت هو إيجاد صيغة لإيقاف هذا التنافر بين البرلمان والحكومة والابتعاد عن “الهواش”، و”المطاقات”. لأن البرلمانات العربية صارت فرصة للنوم الهادىء والـ”هواش” إذا استيقظ، بينما يفترض أن البرلمان مكان للحوار والتشاور لا الصراخ والتضارب.
قال أبو عبدالله غفر الله له: أثق أن الكثيرين غيري لاحظوا نفس الملاحظة على الأخبار الرئيسية التي يشاهدها الناس مراراً كل يوم. السؤال: متى نعقل ونصير زي الناس؟ حيث نحل المشاكل بالحوار، ونهجر إلى غير رجعة المضاربات والملاسنات؟ هل نحن نعيش مخاض التطور؟ أم مخاض التخلف والتقهقر؟ وهل الأخبار هذه تسعد المتسببين بكل هذا السوء العربي الذي نعيشه؟