الحياة معركة دائمة متواصلة. منذ أول وصول لك إلى هذه الدنيا، منذ أن يتم قطع الحبل المتصل من سرتك إلى جسد أمك، لتضعك موس الطبيب على أرض الحياة وحيداً تواجه كل مشاكلك بنفسك. تبدأ بمواجهة المشاكل والمصاعب. وللأسف فإن التربية العامية لا تقوم بما يكفي لتعليم الجيل منذ الصغر طرق التعامل مع مستجدات الحياة. انتهيت من قراءة كتاب صغير لكنه ممتع يتكون من مائة صفحة من القطع المتوسط، عنوانه: “الاقتحام-دروس في الحياة” من تأليف المغامر الرياضي والتجاري الشهير: ريتشارد برانسون، طبعته مكتبة العبيكان 2007. ضم بين دفتيه الكثير من الدروس التي أثق أن الجيل الحالي من الشباب بحاجة ماسة إليها. ومع قربي الدائم من الشباب، وإدراكي الدقيق لطبيعة المشاكل التي تواجههم لم أجد أفضل من هذا الكتاب ليبدأ به الإنسان من أجل معرفة ما يعترضه من مخاطر وكوارث، والطرق الأفضل لمواجهتها. يقول المؤلف: “عملتُ جاهداً طوال حياتي لتحقيق النجاح بصفتي رجل أعمال، وفي مغامراتي بصفتي مؤلفاً، وبصفتي أباً وزوجاً فخوراً. وإنني اليوم أريد أن أتقاسم الحقائق العديدة التي تعلمتها على طول الطريق إلى النجاح، وبالأخص تلك التي ساعدتني على أن أكون أفضل ما أستطيع”. الأفكار التي انطلق منها ريتشارد يمكنني أن أشرحها بطريقتي من خلال المحاور التالية: -كن واثقاً من نفسك. الثقة بالنفس لدى الشباب الخليجي تحتاج إلى تنمية. أن تعرف جيداً مستوى القدرات التي تتمتع بها، والمجالات التي تتحرك فيها. هناك سوء تقدير لدى بعض الخليجيينو وهناك الخوف من إثبات الذات، سواء بالكتابة، بالعمل، بكتابة التجارب، وتدوين المذكرات. ليست المسألة أن تكون أوحد زمانك فيما تقوم به، وإنما أن تمارس دوراً اجتماعياً إيجابياً ينعكس بشكل جميل عليك وعلى من حولك. أن يكون لوجودك قيمة معنوية في المجتمع والعائلة والمؤسسات التي تنتمي إليها. -صدّق بأنه يمكن فعل شيء. ليس هناك أمور مستحيلة التحقيق. هناك دائماً ما يمكن فعله. هناك مسافة كبيرة اسمها “الممكن”، وهي أكبر من مساحات المستحيل. لا يجب أن ننفق حياتنا، ونحن ننتظر ذوبان أصنام المستحيل الصلبة. بل أن نقتحم مساحة الممكن. -عش حياتك كاملة. ولا تنفق لحظة من دون هدفٍ أو معنى. حتى أن تقوم بأمورك الخاصة، أو أن تقضي مشاغلك الشخصية هو وقت تم إنفاقه بشكل جيد فلا تتحسر على إنفاقه. اللحظات الجميلة والسعيدة ضرورة من أجل إكمال حياتنا على النحو السعيد. من الضروري إيجاد توازن بين الجدية المفرطة المنفرة وبين الإسراف في اللهو. -لا تستسلم أبداً. الاستسلام هو هزيمة، هو أن تشعر باليأس وأن الحياة توقفت وأصبحت مكاناً مؤذياً. بل استمر في اقتحام الحياة. والتراجع أو الاعتراف بالخطأ أو الاعتذار والأسف ممن يعزّ عليك أمره هو اندفاع إلى الأمام وليس استسلاماً. تنوعت الدروس التي قدمها الكتاب وأجمل ما أشار إليه، إلحاحه علينا أن لا نصغي للمثبطين الذين يصعّبون من طموحاتنا، الذين يقولون إن ما نحلم به لن يتحقق. دروس الحياة علمتنا أن نصغي إلى دروس الحياة. استفيدوا من أجدادكم وجداتكم فهم أيضاً يحملون الكثير من التجارب والدروس، إنها دروس تحمي غضاضة الشباب من الانكسار وسط معارك الحياة التي لا تنتهي. لنحقق طموحنا نحتاج إلى شجاعة وإقدام ومشقّة أيضاً. ويحضرني هنا قول المتنبي: لولا المشقة ساد الناس كلهم ** الجود يفقر والإقدام قتّال! www.turkid.net
جميع الحقوق محفوظة 2019