الأطفال اليوم ليسوا هم أطفال الأمس، كما أن الأطفال ليسو كما تصورهم الصورة النمطية على اعتبار أنهم “بزران” أو “بزورة” لا يفقهون من الحياة شيئاً!
الأطفال اليوم، يتحدثون اللغات، ويفتكون بالتقنية لعباً وخبرةً. أحد الأصدقاء يعترف أنه تعلم أسرار جهاز “آيفون” من ابنه الذي لم يتجاوز سنواته الخمس. وآخر يقول إن جهاز “الآيباد” بين يدي طفله كالعجينة في يد الخباز. كلها سهلة ومتاحة بين يديه، ولا يشعر بالغرابة تجاه هذه الثورات، ويجد نفسه في غاية الانغماس وهو يقلبها ويداعب أزرارها. الطفل الذي كان بالأمس مهمشاً ومسحوقاً في زاويةٍ من زوايا البيت صار “المعلّم” اليوم، لكل الأسرة، فلديه القدرة على استيعاب العصر وأدواته، أكثر من أبويه وذويه، لكن بعض الناس لا يزال في غيبوبة عن هذه النقلة النوعية في عالم الطفولة المهمل!
شركة “ياهو” التي لا تزال مبدعةً في ثوراتها، مع احتدام التنافس بينها وبين “قوقل” تتحفنا بجديدها هذه الأيام. جاء في آخر إعلاناتها أنها أعلنت عن مبتكر تحت عنوان “ياهو واحة الأمان”، ويهدف البرنامج إلى إشراك الأسر والمعلمين في توفير الموارد التي تدعم تعليم وترفيه ومكافأة الأطفال من خلال الإمكانيات المذهلة للتعلم عبر الإنترنت، فضلاً عن كيفية التصفح الآمن للشبكة من خلال تعزيز المعرفة الرقمية.
يقول الخبر: “تتميز حملة ياهو عن البرامج الأخرى من خلال ارتباطها بمناهج تعليمية ملموسة تركز على التعليم العام للأطفال بين 6 و 12 عاماً من العمر. وسوف يعمل البرنامج على تثقيف الأطفال حول كيفية تصفح الشبكة بشكل سليم وحماية الخصوصية الشخصية من خلال أنشطة تعليمية ممتعة وجذابة على الإنترنت، وبالإضافة إلى ذلك، ستزيد الحملة من المعرفة الأبوية بالتصفح الآمن عبر الإنترنت وستدعم العاملين في مجال التربية والتعليم في توفير الموارد والتدريب لإشراك الشباب”.
يريد الآباء من الأطفال أن يكبروا بسرعة، أن يتجاوزوا حدود اللعب العفوي وعيش تفاصيل الطفولة، يريدونهم أن يكبروا بشكل خاطف، لكن الطفولة اليوم تحتاج إلى رؤية مختلفة. يحتاج الآباء إلى أمرٍ بسيط جداً؛ أن يعلموا فقط أن زمن أطفالهم ليس هو زمنهم، وأن ما عاشوا عليه من سنن وتقاليد ليست ملزمةً لأطفال هذا الجيل، وإذا كان الأطفال في السابق مجرد أدوات تسجيل للتعليمات والبروتكولات التي يلقّنون بها صباح مساء، فإن الآباء والأمهات اليوم يجب أن يدخلوا في حال شراكةٍ بينهم وبين أطفالهم، بحيث يعلمونهم تارةً ويتعلمون منهم تاراتٍ أخرى، في نهاية لزمن يعتبر الأطفال “بزران”، أو”بزورة”، لا يفهمون شيئاً.. واسألوا مجرب ولا تسألوا طبيباً.. دامت لذة الطفولة التي تحرس أبوة الآباء.. وأمومة الأمهات!