قيمة التاريخ في العبر التي يمنحها لقارئيه. ومنطقة الخليج عموماً تعاني من ضعف في تدوين التاريخ. وأظن أن السعودية من الدول الخليجية التي استطاعت باستمرار أن تمسك بزمام تاريخها. لا للتفاخر والبطولات الزائفة، وإنما لحفظ الحراك الاجتماعي وضبطه، لأن التاريخ هو ذاكرة المجتمع التي تورث، ولهذا ابتكر الإنسان الكتابة.
ابن خلدون استنبط من التاريخ “علم العمران البشري” يقول عن التاريخ والعمران في”المقدمة”: “وإذا كان ذلك، فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، بالإمكان والاستحالة: أن ننظر في الاجتماع البشري، وهو العمران ونُميِّز ما يلحقه من أحوال لذاته، وبمقتضى طبعه، وما يكون عارضًا لا يُعتدُّ به، وما لا يمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك، كان لنا قانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهاني لا مدخلَ للشك فيه، وحينئذ إذا سمعنا عن شيء من الأحوال في العمران، علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارًا صحيحًا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه”.
والتاريخ لا يحمل حقاً أو باطلاً فهو مسيرة وأحداث، والتاريخ أقرب ما يكون إلى الصورة العامة أو المجتزأة عن هذا العصر أو ذاك، والتاريخ يكتبه الأقوياء، هكذا علمنا التاريخ نفسه. والتاريخ حتى وإن كتبه المنتصر فإنه يحمل قيمته في العبر.
من الرائع أن يصدر أحدث كتاب تاريخي عن السعودية في 20 مجلداً استغرقت كتابته عشر سنوات، وشارك في تدوينه 250 باحثاً. المهم أن التاريخ لم يهمل الصور الفوتوجرافية، والتي تبين تطورنا التاريخي ومراحل نمو المجتمع السعودي منذ البداية، يضم هذا العمل التاريخي أكثر من عشرة آلاف صورة تشرح وتبين بعض الأحداث التاريخية. هذا الرصد والتوثيق للتاريخ مع الصور الفوتوجرافية يضيف إلى مكتبة التاريخ السعودي الشيء الكثير.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وأتمنى من شركة أرامكو وغيرها من المؤسسات التي تحتفظ بأرشيف ضخم للصور عن السعودية أن تضع معرضاً خاصاً بهذه الصور، أو أن تصدرها ضمن كتاب، لأن هذا الأرشيف المرئي من تاريخنا لابد أن نطلع عليه، وكم هي متعة لا تعادلها متعة حين تعثر على صور السعودية التي تضم فكرة عن التاريخ أو عن الاقتصاد أو عن المجتمع.