كل شيء يأتي بالتدريب. أوقات الفراغ التي لدى الشباب والفتيات خاصةً في هذا الجو البارد والليل الطويل يمكن أن تستثمر بشكلٍ مثمر.
إن قضاء الساعات في لعب الورق وسواها من الملهيات الصغيرة التي لا مردود لها على الإنسان تضييع مؤسف للوقت. ويمكن أن أطرح في هذا المقال فكرتين اثنتين يمكن للكثيرين تجريبهما والاستفادة منهما.
الأولى: أن تكون الجلسات الشتوية أو “جلسات السمر” التي يتحلق فيها الناس على الموقد والنار الدافئة المشتعلة أن تكون تلك الجلسة مفيدة، يمكن أن يطرح موضوع تاريخي أو سياسي أو ثقافي أو فني، وكل يبدي رأيه، وأن يتحدثوا عنه، ويمكن أن يحضّر الجميع للموضوع كلٌ بطريقته، لكن ليكن التحضير من المكتبة لا من “قوقل” مع الحوار والنقاش، ومع حماسة الحديث يمكن أن تظهر أفكار كبيرة، وربما اكتشفوا مواضع القوة والضعف في معلوماتهم، ويمكن أن تصور الجلسة بالفيديو ليرى الإنسان مستوى حديثه وقوة أدلته أو ضعفها، وهذه الجلسة تكون عفوية، وسترون ثمارها كبيرة لأن الحوار هو الأب الروحي للعلم والمعرفة.
الفكرة الثانية: القراءة، ضع في ذهنك أنك ستقرأ هذا الكتاب من 400 صفحة ثم خصص وقتا لقراءته ضمن حصص يومية، وبالمناسبة أستشهد هنا بنص للدكتور ساجد العبدلي في كتابه: (اقرأ.. كيف تجعل القراءة جزءا من حياتك) حين يقول: “هناك مثل غربي يقول: “إذا أردت أن تسعد إنسانا فحبب إليه القراءة” وهذه حقيقة ولاشك، فملكة القراءة لمن يمسك بزمامها تمنح صاحبها متعة لا تقاوم، وتسبغ عليه سحرا لا ينتهي، ففي الكتب عوالم لا تحدها حدود الخيال، ولا يتصورها العقل، إن حياة الإنسان الحقيقية لا تقاس بالأيام والشهور والسنوات، كما دأب الناس على حسابها وإنما بمقدار ما يمتلكه من المعرفة”.
بالحوار والقراءة يمكن أن يستثمر الإنسان وقته ولياليه، والشتاء كما أنه ربيع المؤمنين، حيث يقصر النهار فيصام ويطول الليل فيقام، فكذلك هو ربيع المطلعين، لأن الشتاء طقس هادئ وفيه تحدث البيتوتية الكبيرة.
قال أبو عبدالله غفر الله له: نعم.. يمكن للإنسان أن يرفه عن نفسه ويستمتع، لكن بما لا يلغي حصته اليومية من القراءة أو الاستزادة من المعرفة والتنسك في محراب المكتبة. طابت لكم ليالي الشتاء والحوارات والقراءات.