ملّ الناس من نقد المستشفيات الأهلية، فضلا عن نقد المستشفيات الحكومية. وذلك لاعتبارات كثيرة، منها: أن الشقّ أكبر من الرقعة، وأن الخرق قد اتسع على الراقع، وأن كل محاولات المسؤولين في الصحة لتزيين وسرد وإملاء إنجازاتهم على الإعلام بكرةً وعشيا قد صارت مملة، وبات الناس يخافون من الذهاب إلى المستشفيات. ربما دخلت إلى عملية “نزع اللوزتين” وخرجت أعمى، وربما ذهبت لعلاج فقرات الظهر وخرجت بكرسي أسود، تلك حقيقة نحن لا نبالغ، ولا نعطي نماذج خياليّة، فقط يحتاج كل قارئ إلى أن يدخل في محرك البحث ويضع مفاتيح البحث الآتية: “خطأ طبي + السعودية”!
ذكرت صحيفة “شمس” أول من أمس أن مديرية الشؤون الصحية بالعاصمة المقدسة توعدت بالتحقيق مع أحد المستشفيات الخاصة الكبرى ـ على خلفية اتهامه بفصل أجهزة الإنعاش الطبي عن مريض، وإخراجه من غرفة العناية المركزة، وتركه بعضا من الوقت في قسم الطوارئ قريبا من إحدى دورات المياه بعد قرار شركة التأمين بعدم تحملها أي مصروفات أخرى لعلاجه بعد أن تجاوزت فاتورته 250 ألف ريال خلال ثلاثة أشهر من وقت تنويمه بالمستشفى.
قلتُ: هل المستشفيات الأهلية دكاكين؟ وهل التعامل المادي الجشع مع مريض يكافح من أجل الحياة، ويبحث عن نسمة هواء، هل هذا الفعل من ضمن إنجازات الوزارة؟.
أتساءل كثيرا عن الرقابة الصحية على مثل هذه التصرفات التي اشتهرت بها المستشفيات الأهلية، التي تُخضع وزارة الصحة لنفوذها المالي، وربما كان لوصول صاحب المستشفى ومركزه ومنصبه أثر على نجاته الدائمة من المحاسبة والعقاب.
الناس ـ أحيانا ـ يشعرون بالخوف من الشكوى، ويظنّون أن شكاية المستشفيات أو وزارة الصحة فيها عمل خطير، بينما هي ممارسة مدنية متطورة أن يتعامل الإنسان مع أيّ مسؤول على أنه خادم له، وضع من أجل خدمته والسهر على رعايته. الوزير ـ أيّ وزير ـ لم يضعه الملك ليستعرض “زري” البشت، وإنما ليقوم بخدمة الناس والسهر على احتياجاتهم.
قال أبو عبدالله غفر الله له: المتحدث الرسمي باسم المديرية قال: “إنه وفي حال ثبوت تورط المستشفى فيما نسب إليه فسيتم اتخاذ أقصى العقوبات الجزائية بحقه. مشددا على أن حياة المرضى لا يمكن الاستهانة بها”. وأتمنى أن لا أنشد يوما قول جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع