“جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً”. هكذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام. لكن البعض يحاول أن يسوّر الأرض ـ كل الأرض ـ لتكون مسجداً كبيراً!
لدينا الكثير من المساجد. أغلب المساجد الكبيرة التي تأخذ مساحات هائلة من المدن لا يتجاوز من يرتادها سوى صفين أو ثلاثة، بينما تجد المسجد يسع مئة صف. وفي جدة وحدها 1300 مسجد. أغلبية المساجد تستخدم المكبرات الصوتية لسبب أو من دون سبب. في جدة وضع أحدهم سماعات القراءة للتراويح والقيام على بناية مليئة بالساكنين من الرضّع والمسنّين، ولا أدري أين المراقبون الذين توظّفهم وزارة الشؤون الإسلامية عن هذه الممارسات.
إنني مع تقنين بناء المساجد وبخاصةٍ أن المدن كلها تغصّ بالاكتفاء. الآن كل من بنى بيتاً طالب بتحويل الحديقة المجاورة له إلى مسجد. يفترض أن يمشي الإنسان من بيته إلى المسجد مهما كان بعيداً، وألا يتثاقل عن الذهاب إلى مسجد الحيّ الكبير أو الذي أجمع الناس على ارتياده، ليضع مسجداً صغيراً له هو وأولاده بدافع الكسل والتثاقل، هذا يذكّرنا بمسجد الضرار، وألزم صفات المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، إن بناء المساجد بكثافة تزرع صفات النفاق لدى الناس وتحيلهم إلى آلات كسولة كلٌ يطالب بمسجد بجوار بيته فتذهب الألفة. وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور: توفيق السديري يقول: “وجود أعداد قليلة من الجوامع أفضل لتحقيق الألفة والمحبة والتعارف بين سكان الحي، إلا أن كثرة السكان واتساع العمران وتباعده داخل الحي الواحد، هي السبب في كثرة المساجد من باب التيسير على الناس وتشجيعهم على أداء العبادة، وهو ما يفسر اللجوء إلى إنشاء العديد من المساجد داخل الحي الواحد، خاصة أن هناك فئات يشق عليها الذهاب لمسافات بعيدة لأداء الصلاة مثل كبار السن والمرضى والمعاقين وغيرهم”.
أنا أختلف وأتفق معه في آنٍ واحد، أتفق معه في أن المساجد كلما كانت مركزية في الحي توضع وفق هندسة بحيث يكون مسجداً جامعاً كلما زاد التآلف، أختلف معه في وضعه للمرض والإعاقة كقاعدة، بينما هي استثناء، وفي حال طالب المريض أو المعاق بمسجد قريب حينها يلبّى طلبه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: المشكلة أن بعض الأئمة لا يتوافرون على أبجديات شروط الإمامة. قبل أيام حدد أعضاء المجلس في جلسته العادية الـ 44 من السنة الثانية للدورة الخامسة، ما اعتبروه مآخذ على أوضاع المساجد، والمتضمنة النظافة والصيانة، وعدم تأهيل الأئمة، مطالبين وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتلافي هذه الإشكاليات مستقبلا. عضو مجلس الشورى الدكتور إسماعيل البشري قال: “إن إمام مسجد في جامع معروف وكبير في الرياض لا يحفظ سوى جزء عم فقط، فلماذا لا تعمل الوزارة على تطوير أئمة المساجد والرفع من قدراتهم ومهاراتهم؟”.
في فمي يا “إسماعيل” ماءٌ كثيرٌ… كيف يشكو من كان في فيه ماءُ؟!