هذه القصيدة واحدة من روائع أبي الطيب المتنبي، نظمها في بدر بن عمار الأسدي، في طبرية، بعد تجوال في لبنان، مروراً بالفراديس في حمص، يقول في بدايتها متغزلاً في الجميلات أنه لا حاجة لهن إلى التجميل بلبس الديباج ولكن يلبسنه لصون جمالهن به، ولم ينسجن ذوائبهن لتحسين، ولكن خفن ضلالهن في الشعر لو أرسلنها، ويقول لولا أنني يقظان لكنت أظن نفسي خيالاً. يعني أنه كالخيال في الدقة، إلا أن الخيال لا يرى في اليقظة.
يقول فيها:
لبسن الوشى لا متجملات … ولكن كي يصن به الجمالا
وضفرن الغدائر لا لحسن … ولكن خفن في الشعر الضلالا
بجسمي من برته فلو أصارت … وشاحي ثقب لؤلؤة لجالا
ولولا أنني في غير نوم … لبت أظنني مني خيالا
بدت قمراً ومالت خوط بانٍ … وفاحت عنبرا ورنت غزالا
كأن الحزن مشغوف بقلبي … فساعة هجرها يجد الوصالا
كذا الدنيا على من كان قبلي … صروف لم يدمن عليه حالا
أشد الغم عندي في سرور … تيقن عنه صاحبه انتقالا
فما حاولت في أرضٍ مقاما … ولا أزمعت عن أرض زوالا
على قلقٍ كأن الريح تحتي … أوجهها جنوبا أو شمالا
جميع الحقوق محفوظة 2019