من أبرز الإيجابيات التي أراها في شباب البلد أنهم يستخدمون الإنترنت حاليا بشكل أكثر نضجا، أستمتع كثيرا بالالتقاطات التي يكتبها شباب في مواقع التواصل الاجتماعي، ويسعدني أكثر ذلك الاستخدام المميز لـ”اليوتيوب”.
الأفلام التي تتحدث عن الشأن السعودي، أو التي تتحدث عن الأخطاء بطريقة كوميدية كلها تعبر عن تطور الاستخدام للإنترنت بالنسبة لجيل الشباب. نعم في البداية كان الإنترنت غريبا بعض الشيء، وابتعلت المنتديات الناس، وأخذت الدردشات التي تهدر الوقت طاقات البعض، لكن الاستخدام للإنترنت اليوم صار أكثر حيوية وفاعلية.
لأضرب على ذلك مثلا بفيلم “مونوبولي”، والذي حصد نصف مليون مشاهد في أيامه الأولى، والفيلم ـ كما يعرّف به أصحابه ـ: “عبارة عن كوميديا سوداء، دراما بقالب وثائقي، يناقش أزمة السكن، من تصوير وإخراج بدر الحمود وسيناريو عبدالمجيد الكناني وتمثيل محمد القحطاني وفيصل الغامدي”. يتعاطى مع القضية التي يريدها بشكل احترافي عال فنيا على مستوى الصورة أو النص، ويجعلك تقف مصدوما أمام أزمة السكن في السعودية. هذه هي الأفلام الثرية الإيجابية التي تقرأ أخطاءنا لتجعلنا أكثر تطورا وتحضرا.
الإيجابية أيها السادة: ليست فقط أن نتذكر إيجابياتنا، بل إن نتذكر الأخطاء أيضا لنكون إيجابيين أكثر، وإلا فما قيمة النقد إذا كنا نريد أن نتحدث عن الإيجابيات. لا يمكن للفنان أن يصور البيوت القائمة والتي لا خدش فيها، كما أنه ليس من وظائف المراسلين في المحطات والصحف أن يذهبوا إلى المناطق التي لا تعاني من “أزمة السكن” لتغطيتها، لأن الشيء التام لا علاقة له باللغة الإخبارية، وهكذا هو الفيلم كان إيجابيا مع أنه يرصد خطأ، فالإيجابية لها وجوه مختلفة وعديدة. الإيجابية في التطوير الذي يقوم به الشاب من خلال إدراكه لأزمات بلده وأن يساهم في التغيير لا أن يستسلم لليأس ولسان حاله: إن كل الأزمات التي يعيشها الناس لا يمكنها أن تحل أبدا.
بالتأكيد هناك أزمات في السكن، معظم السعوديين هم من الشباب وتزوجوا حديثا، ومعظمهم كذلك يفضلون السكن بشقة خاصة، ولى الزمن الذي يسكن فيه المتزوج مع أهله إلا ما ندر لدى أصحاب البيوت الكبيرة، ومع كل الشقق التي بنيت في المدن غير أن الشباب لا يجدون شققا ملائمة، والإيجارات ترتفع بازدياد، يضطر معظم الشباب أن يدفعوا ثلث راتبهم الشهري للإيجار في شقة صغيرة!
قال أبو عبدالله غفر الله له: “مونوبولي” ناولنا مشكلتنا على طبق من ذهب؛ من النادر أن نرى أزماتنا بشكل مبهر وهذا ربما هو سحر الصورة، إن هذا الفيلم فتح أعيننا على مشكلة وأزمة، وأظنّ أن من واجب المسؤولين التدخل لحلّ هذا الأمر، لأن روابط الأزمة متشابكة بين الفساد والبيروقراطية.