حين أنتقد أسامة بن لادن، وتنظيم القاعدة، والحركات العنفية السنية لا أحد يتهمني بالطائفية تجاه السنة، أو بالاعتداء على السنة، لأن التصرفات لا علاقة لها بالطائفة. الأحداث الأخيرة في العوامية ناشئة من حالة سياسية ومن غليانٍ إقليمي، فالمشكلة ليست في كون الشخص من هذه الطائفة أو تلك، بل في كون هذا الشخص يرجع إلى هذه اليد الإيرانية بدلاً من رجوعه إلى وطنه والحرص عليه. الطائفة مثل العائلة حين يكون الانتماء إليها معتدلاً، لكن لو أراد فرد من السنة أن يعود في مرجعيته السياسية إلى طالبان أو باكستان فإننا سنواجهه بالبيان والبرهان كما نواجه الذي يرجع إلى إيران، كلاهما وقع ضحية الارتهان للخارج.
انتقدتُ الحركات السنية، ولدي مركز المسبار للدراسات والبحوث الذي أصدر قرابة الستين كتاباً جلّها عن الحركات السنية، تاريخاً وسرداً ونقداً، ومقالاتي في كثيرٍ منها توجهت بالنقد للمنظمات السنية العنفية، وانتقدتُ دعم إيران للحوثييين وللقاعدة، فتهمة الطائفية لا يمكن أن تنطلي على القارئ، لأن الطائفة التي أدافع عنها هي المجتمع وأمنه، طائفتي تتلخص في انتمائي لمجتمعي، لهذا أنتقد الجماعات السنية والشيعية بنفس المستوى من الوضوح. يجب أن نتخلى عن الحساسية المفرطة التي يعاني منها البعض حين ننتقد تصرفاً إجرامياً. الاعتداء على رجال الأمن أخطر جريمة يمكن أن يرتكبها فرد، ولا أظنّ أنني سأكون مبالغاً إن قلت إن الاعتداء على رجل الأمن على النحو الذي أثبتته المقاطع المصورة يشكل إجراماً وعدواناً ضد أمن الإنسان.
لنخرج من سياق الطائفية، وليكن المجتمع هو الطائفة. لا يمكن أن يوجد أي مبرر لأي تصرف إجرامي أو عسكري أو عنفي! وبعض الخطباء المتطرفين أصبحوا يهدرون الدماء يميناً وشمالاً، والمحرض على القتل شريك في الجريمة، والذين حرضوا القاعدة على القتل لرجال الأمن طالبنا بالقضاء على فكرهم ومناصحتهم، فالفكرة السامة لا بد من معالجتها بعقار خاص بحيث لا تنتقل إلى بقية الناس.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لتكن الفكرة الأساسية لنا أن نتوحد، وأن يكون التنوع عنصر تكامل لا عنصر تنافر، وعلى العقلاء من شتى الطوائف إسكات الخطابات الدموية، والتي تطلق من منابر لها توقيرها الشرعي، وليكن المنبر لأمن الوطن لا للاعتداء عليه، والسلاح الذي يستخدم ضد أجهزة الأمن سلاح قتل يستهدف كل فردٍ سعودي فلا بد من نزعه. سواء كان بيد سني مرجعيته القاعدة أو طالبان، أو شيعي مرجعيته حزب الله أو إيران.