التشاؤم شيء، والنقد الصريح شيء آخر. لفت نظري أحد المعلقين على مقالتي عن السياحة الداخلية أنه وصفني بـ”المتشائم”! فقط لأننا نضع اليد على الجرح. النقد هو صدق مع الذات ومع المجتمع. من السهل أن نتكئ على أرائكنا ونثني على أنفسنا وأمجادنا، لكن حينها نكون قد خدعنا أنفسنا قبل أن ينخدع بنا الغير. نحن مثلنا مثل بقية المجتمعات، لدينا إيجابيات وسلبيات. وكذلك الوزارات وغيرها من المؤسسات. لدينا مناطق مضيئة وأخرى مظلمة. والصدق مع الذات لا يعني التشاؤم بقدر ما يعني تحفيز الذات على أن تخرج من قوقعتها، وأن تكون أكثر جرأة في مواجهة النفس ومعالجة أدوائها.
الإيجابية ضرورية لرؤية الأشياء الجميلة من حولنا، والرؤية الإيجابية لا تتناقض مع النقد. بل النقد أساسا هو فعل إيجابي وليس ممارسة سلبية. لننظر إلى الأمم المتحضرة والمتقدمة، مثل أوروبا والولايات المتحدة مع أنهم في غاية التقدم إلا أن النقد لا يتوقف في الصحف ووسائل الإعلام. كان انتقادي للسياحة الداخلية يطمح إلى فتح نافذة إيجابية نتغلب من خلالها على التردي الكبير في مجال السياحة الداخلية، وأكبر دليل على التردي ما نراه الآن من إقبال على السياحة في الخارج، لو أن لدينا سياحة داخلية حقيقية بشروطها لضخت المليارات التي صرفت في الخارج في بلدنا.
أمام أي ظاهرة سيئة أو خطأ إداري نحن أمام خيارين اثنين، إما أن نطبّل لأنفسنا ونشيح بوجوهنا عن الخطأ والخطر، وإما أن نستخدم المرايا لرؤية كل التجاعيد في جسد مجتمعنا ووزارتنا والأداء الحكومي لدينا. والأمم لا تتقدم إلا بالنقد، ولا تتأخر إلا بالكذب على الذات والخداع المستمر وادعاء الكمال الزائف! فلنكن صرحاء مع أنفسنا وأن لا نكفّ عن النقد خوفا من الوصف بالتشاؤم، بل النقد هو تفاؤل، لأن أي ناقد هو متطلع نحو الأفضل، ولديه مشروع إيجابي للحياة التي يعيشها ولبلده التي ينتمي إليها!
قال أبو عبدالله غفر الله له: سواء تعلق الأمر بالسياحة الداخلية أو غيرها، النقد صحة وعافية للمجتمع والحكومة بكل وزاراتها. ولا تشاؤم في النقد، بل المتشائم ذلك الذي لا يرى الأدواء، ولا يبصر الأخطار، المتشائم هو اليائس المستسلم لا الناقد المتطلع، هذا هو الفرق، وهو فرق شاسع جدا.