ابتلينا ببعض من يذهب فهمه بعيدا عند مناقشة بعض الظواهر الخاطئة. بداية أقول في هذا المقال إنني لا أناقش موضوعات تتعلق بالصلاة فهذه قضية فقهية لستُ بصددها. بل سأقف مع مسألة “إغلاق المحلات وقت الصلاة”. ذلك أن للحياة ضروراتها. فكما أن رجال الأمن لهم رخصة عن صلاة الجماعة أو عن المبادرة في الصلاة أول وقتها، فكذلك باعة المحلات. هناك ضرورات يحتاجها الناس. وبخاصةٍ العاملين في المستوصفات والمستشفيات والصيدليات، أو محطات البنزين، أو في بعض المحلات الضرورية. نرى المسلمين في كل دول العالم لا يغلقون المحلات وقت الصلاة. لدى البائع سجادته يفرشها ثم يصلي، وهكذا. فإغلاق المحلات وقت الصلاة أصبح يعارض ضرورات الناس وحاجاتهم.
تخيلوا أن بعض المرضى يقف أمام الصيدلية أكثر من 45 دقيقة منتظرا انتهاء الصلاة. أو أن العائلات في الطرق ينتظرون من يسكب لهم البنزين نصف ساعة. وربما احتاجوا إلى الماء والغذاء. وحسنا فعل الباحث الشرعي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام الباحث الشرعي عبدالله العلويط حين وضع حجرا في الماء الراكد بتصريحه عن إغلاق المحلات وقت الصلاة، ورأيه الشرعي فيه حيث قال: “إن إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة بدعة لا أساس لها من دين أو عقل، ولم تأت به الشريعة ولا يقتضيه العقل السليم”.
الإغلاق لم يفعل في صدر الإسلام، فلم يكن هناك إجبار عليه، فالإشكالية في الإجبار، وليست في أن يفعله الشخص من تلقاء نفسه، فهذا الإجبار هو المستحدث ولا أصل له، والإغلاق ضرر على الناس، والشريعة جاءت برفع الضرر، ويتمثل هذا في تقليل وقت الحركة المتاح للشخص في تسوقه أو أعماله أو غيرها (…) وفيه إجحاف بحق أصحاب “النشاط الاقتصادي وكل هذا من التضييق الذي يتنافى والتيسير الذي جاءت به الشريعة”!
قال أبو عبدالله غفر الله له: هذا التشطيط على الناس بإغلاق المحلات وقت الصلاة لا يخدم شريعة الصلاة، بل يجعل العمال في حالة سائبة وربما رأوا في هذه الساعات التي يجدونها يوميا فرصة للعبث أو التحرش بالنساء اللواتي يضطرّهن إغلاق المحلات إلى الجلوس على الأرصفة ينتظرن فتح المحلات بعد نصف ساعة أو أكثر. فلنعالج هذا الأمر بجدية ودون مزايدة من أحد في التمسك بالشعائر والسنن والواجبات.