أبو دحيّم هو رجل ثمانيني يعيش في حيّناً القديم، وهو رغم عاميته إلا أنه متابع نادرٌ للسياسة، ويعتقد أن أخبار لندن أحد مصادر التلقي الرئيسية لديه، وبخاصة إذا استمع إلى المذيع وهو يصدح: هنا لندن، وتتخلل هذا الإعلان وشوشة مذياع أكدت له بعد المسافة بينه وبين عاصمة بريطانيا.
بحثت عن أبو دحيّم طويلاً، ولما وجدته قـبّلت رأسه، واعتذرت عن تقصيري في عدم وصاله، وقلت له: تكفى يا أبو دحيّم أمسحها بوجهي، الحق لك، وأرجو أنّك ما (تشره) علي! رد بعد أن ابتسم ابتسامة الخبث التي تؤكد أن الكرّة له، وأن الرياح تهب لصالحه قائلاً: ما عليك شرهة!
قبل أن أحاول الاحتجاج على جملته الأخيرة، قال لي أبو دحيّم: “وش رأيك بهذا الذي صاير في إيران”؟!
أجبت: أنا أتيت أسمع منك يا عم.
قال: “أحمدي نجاد “مدرعم” ويذكرني بدرعمته بهادي صوعان (عداء سعودي) مع الفارق أن صوعان درعمته تجيب ميداليات وجوائز، لكن “صوعة” نجاد الله العالم أنها تبي “تصوعه” و”تصوع” إيران، والله يستر علينا، لأنه مدرعم واجد، وهالدرعمة ليست بعيدة عن درعمة صدّام حسين قبل سقوط بغداد”.
قلت: لكن يا أبو دحيّم إيران ليست العراق، وطهران أعلنت أنها دخلت النادي النووي، بينما العراق لم يجد الأميركيون أسلحة الدمار الشامل فيه حتى اللحظة!
رد: “معي علم، لكن الاثنين نجاد وصدام “درعموا” بالحكي، والخطب، والفرق أن أبو نجاد يلبس بدل مهرولة، وأبو عدي كان يسب الغرب في النهار ويشتري بدل آخر موديل منه في الليل، ونجاد يخطب في مجامع ما يقوّى يتتن فيها ولو قدو، بينما صدام كان يرز السيجار الكوهيبي، ربما بحثاً عن تأييد فيدل كاسترو، كما أن صدّام أعلن علمانيته منذ بداية رئاسته، لكنه عاد للتدين بعد أن أصبحت محاكمته مثل المسلسلات المكسيكية من كثرة جلساتها، والأفلام الهندية لجهة ضحالة الدراما، وكثرة الأغاني في الفيلم لدرجة وجود أغنية بين كل مشهد ومشهد، أما عمك نجاد فهو يبحث عن تأييد الإمام الغائب منذ بداية رئاسته، وأرجو أن لا يتحول إلى علماني في نهاية المطاف”!
حاولت أن أدلي بدلوي فقلت: وماذا عن الموقف الأميركي يا عم؟
أجاب: نجاد أعطى بوش و”المصرقع” رامسفيلد فرصة لنسيان ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق، هذا الملف الكبير الذي استندوا على كبر حجمه لغزو العراق، وعندما فتحوه اكتشفنا أن سمنته ورم، وأن لا ورقة واحدة فيه.
غداً سيملأ بوش ورامسفيلد ملف العراق بسلاح إيران، والله يستر علينا لأن الله رزق منطقتنا بالزعماء الأذكياء، وجعلنا ندفع في هذه المنطقة ثمن تصرفاتهم!
قلت لأبي دحيّم: إذاً الأمور متشابهة جداً بين العراق وإيران!
رد على الفور:ما يقلقني إلى الآن، هو أني لم أجد إلى اللحظة من يقوم بدور محمد سعيد الصحاف في إيران!
جميع الحقوق محفوظة 2019