أبو ناصر، لمن لا يعرفه، مبدع في الطبخ، هجر الوظيفة قبل أن يكمل سنّ التقاعد وافتتح مطعم كبسة في سكاكا، وفي حديثه لصحيفة “الشرق” قبل أمس كان مطرباً وهو يسرد تجربته.
أبو ناصر ملّ من وظيفته “مفتّشا” ، وبما أنه يهوى الطبخ قرر أن يهجر الاحتقار الذي يمارسه بعض أبناء المجتمع ضد من يطبخ! يقول أبو ناصر إن كلمة من أميركي حين كان مبتعثاً للدراسة في الخارج أثرت به. والكلمة تحثّه على أن يفعل “الشيء الذي يحبّه”، والهواية لدى الإنسان لا تموت، لكن أبا ناصر كبتها قبل أن تنفجر إيجابياً ويبدأ بافتتاح مطعمه الخاص والذي أسعده وأثرى حياته هو وأولاده.
يرى الطباخ المبدع أنه: “متى ما عمل أبناء الوطن بالمهن التي يحبونها بأنفسهم فسيحققون دخلا يفوق ما قد يحصلون عليه عشرات المرات من الوظائف الحكومية.. أنا أحقق من دخل يومي ما يعادل نصف الراتب الذي كنت أتقاضاه في الوظيفة”! وأبو ناصر مطعمه عامر، فهو يطبخ 250 كيلو من الأرز يومياً، وصارت “كبسة أبو ناصر” من الشهرة بمكان. لم يكن محاطاً بالهواجس الاجتماعية من العمل في مثل هذا المجال، بل هو وأبناؤه يفخرون بهذا المشروع الناجح الذي يحقق له الكسب المادي، والمتعة في العمل. وهذا ما أراد أن يحققه أبو ناصر، وقد نجح.
من بين أفكار أبي ناصر أنه يقول للشباب: “اعملوا بأيديكم مشاريعكم ولا تتركوا الخير للعمالة”! وهذه هي رسالته للشباب.
قلتُ: هنيئاً لأبي ناصر أنه وجد هوايته وهو على مشارف الستين، فإن تصل إلى هوايتك ومتعتك خير من ألا تصل. مشكلة بعض الشباب أنه لا يدرك قيمة العمل اليدوي، بل إن من الشتائم الاجتماعية التي توزّع أحياناً أن يقال: “فلانٌ صانع”! وكأن “الصناعة” من عيوب الإنسان، ثم نسأل عن سبب تأخرنا في المجالات الحضارية ولدينا مثل هذا المنطق السيئ. لم يلتفت أبو ناصر لمن قال له “طباخ” ولن يلتفت، بل إن مطعمه صار ملتقىً أو “ديوانية” كما يقول، حيث يأتي أصحابه الذين انقطع عنهم لزيارته والحديث معه وتذكر الأيام الخوالي!
قال أبو عبدالله غفر الله له: هناك مشاريع ممتعة ومثمرة وتحقق المتعة للإنسان، يمكن للشباب أن يقتدوا بنموذج أبي ناصر، الذي جدد من تفكيره وصنع هوايته، فهو نموذج إيجابي ومضرب مثلٍ في تغيير الذات والحياة. فشكراً لأبي ناصر.