”قريتنا في فلسطين عاشت في ظل الاحتلال الإسرائيلي أكثر من خمسين عاماً، ولم يقتل منا على يد الإسرائيليين أكثر من 15 فرداً··· خلال ما يزيد على خمسة عقود، أما الزرقاوي فقد قتل من قريتنا 18 فرداً في ليلة واحدة”!
هذا هو معنى حديث سيدة تنتمي للأسرة التي كانت تقيم حفل زواج الأسبوع الماضي، وقام الزرقاوي بالافتخار بأنه بعث بثلاثة انتحاريين عراقيين إلى العاصمة الأردنية عمَّان، فجَّر أحدهم في المحتفلين بهذا العرس، فأحال أفراحهم أتراحاً وحياتهم قتلاً، وضحكاتهم دماء وأشلاءً·
أبو مصعب الزرقاوي، الذي اختاره ”أئمة الجهاد”، بقيادة أسامة بن لادن، والدكتور أيمن الظواهري، ليكون ممثلاً لهم في بلاد الرافدين··· فيمَ يمثلهم؟! يمثلهم في التفجير والتقتيل والتدمير وتيتيم الأطفال وترميل النساء·
أبو مصعب الزرقاوي، هو ”إمام المجاهدين” في أرض العراق، الذي نقل نشاطه أخيراً إلى الأردن ليواجه الكثافة السكانية العربية، لا بالعلم، ولا بالمعرفة، ولا بالتنمية، بل بالانتحار وحصد الأرواح البريئة·
هل تحسبون أن الإرهابيين يرف لهم جفن أمام أرتال المآسي التي يخلفونها، وأكوام الأتراح التي يتركونها، كما حدث في عرس الأردن، أو للألم الذي خلفته وفاة أكثر من 80 بريئاً، وإصابة العشرات، وترويع الآمنين؟!
هل تعتقدون أنهم يراجعون نتيجة فسادهم؟!
كلا وحاشا! إنهم جاهزون بالتبريرات، فمن يقتلونه إذا لم يكن على مذاهبهم الباطلة، فهو مستحق للقتل في نظرهم، وإن كان بريئاً، قالوا إن الله يبعثه على نيته يوم القيامة! ولكن من فوضكم لتكونوا وكلاء باسم ملك الموت تقبضون أرواح خلق الله، ثم تتبجحون بأن الله يبعث هؤلاء على نياتهم ويحاسب أولئك على عدم اتباعكم؟!
أَبعد كل هذه الدماء وانتشار ما تبعثر بيننا من الأشلاء بقي بيننا من يُعَذِّرُ للإرهاب؟! أرجو ألا يقول لي قائل اليوم، كما كان البعض بالأمس يقول عن ضحايا الإرهاب في العراق: إنهم صنيعة أميركا لتواصل بقاءها في العراق؟!
فإذا قلنا إن أميركا تريد الاستمرار في البقاء في العراق، ولو من باب الجدل والتنزل مع المخالف، فلماذا تزعزع أمن حليف استراتيجي كالأردن؟
لماذا لا نصدق يوماً ونقول إن فينا قتلة كالزرقاوي وابن لادن والظواهري وبقية الجوقة التي أدمنت رائحة الدم؟!
وهل نحتاج في عالمنا العربي إلى حادثة تقوم بها ”القاعدة” تستهدف بها كل يوم بلداً عربياً ليؤمن أهله بخطورة الإرهاب ويبدأوا في تغيير مواقفهم منه، كما حدث في المغرب إثر اختطاف العاملين في السفارة المغربية في العراق من قبل فرقة الزرقاوي، أو ما حدث في تفجيرات الأردن الدموية الأخيرة؟!
هل كان السادة الأفاضل علماء المغرب بحاجة إلى أن يأسر ”قاعديو” العراق رهينتين مغربيين ويقرروا إعدامهما، ليكتشف علماء المغرب، عندها فقط، ظلم ”القاعدة” وجورها وليقولوا كما في بيانهم”لعنة الله على القاعدة، ولعنة الله على قضاتها”؟!
هل كان مئات بل آلاف الضحايا الذين يقتلون في العراق بحاجة إلى أن يكون بينهم من يحمل الجنسية المغربية ليقول فيه علماء المغرب ”إن علماء المغرب وشعب المغرب وسائر الأمة الإسلامية لا يكتفون بتسفيه حجج هؤلاء التكفيريين ونقض أباطيلهم وترهاتهم بل يلعنونهم ويلعنون محاكمهم وأحكامهم التي أصدروها في حق المغربيين المختطفين ظلماً وعدواناً وبغياً من غير ذنب ارتكباه ولا جرم اقترفاه”، و”أن لا أحد يثق بما ادعاه هؤلاء المارقون من تبرير سفك الدماء تحت ذريعة الدفاع عن العراق، لأن هذه الفئة الباغية قد سبق أن امتدت أيديها الآثمة بالسوء إلى جهات أخرى من العالم ومنها أرض المغرب”؟!
جميع الحقوق محفوظة 2019