أكبر معالم تطوّر أي مجتمع يكمن في عشق الأطفال للقراءة، بحيث تتحول إلى برنامج وجدول يومي. نعرف أن هناك مكتبات في أوروبا والصين واليابان خاصة بالأطفال. ونظراً لازدحام الروّاد تضع بعض المكتبات آلية للاشتراك، بحيث يكون هناك مبلغ رمزي يدفع نظير العضوية. هناك نظرية أصبحت واضحة أن الذي يحبّ القراءة لا يُفرِّق بينه وبين الكتاب سوى الموت. يصبح الكتاب لمحبه سبباً للسعادة، ووسيلة للاسترخاء وطريقة للتعلم وأسلوباً للعمل، وغاية من غايات الاستزادة من المعارف وتقليل مساحات الجهل الشاسعة. المقررات والمناهج الدراسية جعلت الكتاب مبغوضاً لدى الأطفال. فمن النادر أن تجد طفلاً في السعودية يقضي ساعات الانتظار بالقراءة، فضلاً عن أن تجد كبيراً قد وضع الكتاب بين عينيه. بينما نجد عشق الألعاب الموجودة في الجوالات والأجهزة المتاحة باتت بديلاً عن الكتاب لدى الأطفال. إنني لا أدعو إلى تحويل الحياة إلى أكاديمية، ولكنني أقيس نهضة أي مجتمع بمستوى عشق أطفاله للقراءة. لا أعلم عن النوابغ الذين تم حصارهم بين الأسوار التي تسمى “مجازاً” بالمدارس، لكنني أسأل أسئلة باحث عن الإجابة، لا مالك لها.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتهى أخيرا من تأليف كتاب جديد للأطفال سيتم طرحه في 16 نوفمبر المقبل، أي بعد أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. الكتاب عبارة عن قصص ملهمة للأطفال وتحية تكريم لـ13 من الشخصيات الرائدة التي شكلت الثقافة الأمريكية، وتخليدا لذكراها. ويقع في 40 صفحة، وسيكون الأول من نوعه الذي سيطبع منه 500 ألف نسخة عندما يصدر بعنوان (لهما أغني: رسالة إلى ابنتي)، الكتاب الجديد هو الثالث لأوباما بعد (أحلام من أبي)، و(جرأة الأمل). يقول شيب جيبسون رئيس قسم كتب الأطفال في راندوم هاوس إن الكتاب “يحتفي بالشخصيات التي توحد كل الأمريكيين ويهتم بالخصائص التي تجمعهم، وهي القدرة على تحقيق أحلامنا وصياغة مساراتنا الخاصة. إنه لشرف عظيم أن ننشر هذا الكتاب المتميز وهو عبارة عن تزاوج ملهم بين الكلمات والصور والتاريخ والقصة”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: ونحن لا نزال في منزلة بين المنزلتين، يحتار الكبار بحثاً عن كتاب “يفتح النفس” باللغة العربية، والأطفال تائهون، لا يجدون الكثير مما يستحق القراءة حول بلدهم، ولا عن تاريخهم. الكارثة أن البعض لا يزال يحبس أطفاله بالشماغ والثوب يقضون مساءهم في صبّ القهوة “للمعازيم”!