ينتقد الرئيس الروسي إصرار أميركا على دعم الإسلام السياسي. فهي ممن ساهموا في تقوية تنظيم «القاعدة» قبل أن يكون مترابطاً على النحو الذي هو عليه حينما دعمت «الأفغان العرب»، النواة الأساسية لما عرف بتنظيم «القاعدة» لاحقاً. لقد استخدمت الولايات المتحدة جموع الإسلام السياسي بكل فئاته لضرب الروس أيام الحرب الباردة، ودعمتهم بكل ما يحتاجونه من سلاح ومال، ومن بعد ذلك كبرت «القاعدة» وخرجت عن السيطرة وأصبحت عدوةً لدودة لأميركا واستهدفت عمقها في أحداث 11 سبتمبر 2001. الآن تكرر الخطأ نفسه من خلال دعم «الإخوان المسلمين» بمصر، واحتجاجها على ثورة 30 يونيو، وإصرار صانع القرار الأميركي على معارضة خيار المصريين! تتناقض الولايات المتحدة؛ فهي أيدت ثورة 25 يناير بوصفها شعبية تبحث عن الحرية والكرامة والعدالة، لكنها رفضت مسيرة عشرات الملايين في 30 يونيو، مع أن كلا الثورتين يفترض أنها بالمقاييس الأميركية لها المبادئ والشروط والمطالبات نفسها. مرسي مارس الطغيان، وهدد بالدماء في الشوارع، ورفض أن يتنحى عن الحكم حتى ولو على رقبته، لأن لديه «عشيرته» التي تحميه، أهذا منطق رئيس شرعي أو يبحث عن الشرعية؟! لقد تخلّت أميركا عن حسني مبارك الحليف المهم لمحور الاعتدال العربي مقابل دعم «الإخوان المسلمين». كشف مصدر لموقع «24» أن المخابرات الأميركية اجتمعت مؤخراً بقيادات التنظيم، وبحضور مندوب عن دولة خليجية، انتهى بتهديد أميركي برفع الدعم عن «الإخوان»، حال وصول وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر! وأضاف المصدر في تصريحات خاصة أن: «ممثلي المخابرات الأميركية، قالوا لقيادات التنظيم، خلال الاجتماع، إن الإخوان فشلوا في فرض ظروف مغايرة للأحداث التي تجري في مصر، ما يجعل دعم الحكومة الأميركية أمراً صعباً الآن، وفي حال وصول السيسي للحكم سيتوقف الدعم». وبالطبع تعني أميركا الدعم السياسي والمادي الذي تُقدمه لـ«الإخوان»، والذي ظهر بوضوح عقب ثورة 25 يناير 2011، والمستمر حتى الآن! لم تكن جماعة «الإخوان» مرفوضةً من الولايات المتحدة، فهي الداعمة لهم، بل يذكر وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن «الحوار بين الولايات المتحدة وقوى الإسلام السياسي في مصر مستمر منذ الثمانينيات، وقد يكون الحوار بدأ قبل ذلك، لكن معلوماتي أنه بدأ في ثمانينيات القرن الماضي وكان يتم بواسطة السفارة الأميركية في القاهرة، لكن بطبيعة الحال اختلف الأمر بعد الثورة، الحزب الإخواني أيضاً لم يكن موجوداً أصلا ليتحاوروا معه قبل الثورة، إنما كان هناك منذ الثمانينيات اتصال بين السفارة الأميركية وتيار الإسلام السياسي بمعناه الواسع وليس فقط الإخوان المسلمين، فالحوار ليس جديداً إطلاقاً». «الإخوان» هم مطية أميركية كانوا ولا زالوا، وتبين فيما بعد أن التيارات المدنية والمعتدلة ممن يسمونها «ليبرالية» أقرب إلى المواطنة المخلصة من فلول «الإخوان» ومجاميعهم المدعومة من الولايات المتحدة، والمستخدمة من قبلها. ليس غريباً على هكذا تنظيم، أن يكون بهذا المستوى من السذاجة السياسية التي أودت به إلى السقوط المدوي. تركي الدخيل www.turkid.net
جميع الحقوق محفوظة 2019