من منا لا يعرف مسرحية: “شاهد ما شافش حاجة”؟ أشهر أعمال النجم الكوميدي المصري عادل إمام. تلك التي بقيت ردحاً من الزمن خالدة في ذهن الجمهور العربي، في المسرحية التي تدور أحداثها الأصلية حول جريمة قتل راقصة شرقية، تسكن قرب شقة الشاهد الذي لم يرَ شيئاً، وهو عادل إمام في المسرحية، ويتم خلال تداول القضية أمام حضرات السادة القضاة والمستشارين، الحديث عن عمل المجني عليها، فيقول أحد الشهود إنها كانت “رقّاصة”، فيشرئب عنق عادل إمام، ويتحمس لإبداء رأيه أمام المحكمة التي تظهر شيئاً من التعاطف معه بوصفه غلباناً عربياً، ويقول:”أنا عاوز أضيف…”.
يصمت الجميع احتراماً للمعلومة، وانتظاراً لقيمة الإضافة التي سيدلي بها الشاهد الرئيسي في المحاكمة، ويقول له رئيس الهيئة القضائية: “عرفنا إنها رقاصة، عاوز تضيف أيه؟”، فيقول لا فض الله فاه: :”فوق أنها كانت رقاصة، إلا أنها كانت بترقص”. “نورت هيئة المحكمة!”
إضافة عادل إمام هذه تشبه قول الشاعر العربي التافه:
كأننا والماء من حولنا** قوم جلوس حولهم ماء
لو أراد أحد أن يعلق باللهجة الدارجة الخليجية على الشاعر في هذا البيت لما أصاب إلا في أن يقول له: عسى ما تكلفت؟! أي أرجو أن لا تكون أعييت نفسك في البحث عن جديد تطرز أسماعنا به.
إن البيت السابق وعبارة “أنا عاوز أضيف” شبيهان أيضاً بقول الشاعر العربي التافه كذلك:
يا ربِ إني جالس كما ترى** وزوجتي جالسة كما ترى
والبطن منا جائع كما تـرى** فما ترى يا ربنا فيما ترى؟
والخلاصة أن إيضاح الواضحات منهج متهافت يكثر معتنقوه في أيامنا هذه، والمشكلة أنهم يعتقدون أنهم يقدمون إضافات مهمة، فكلهم يقدم مقدمته التافهة بلسان الحال قائلاً: “أنا عاوز أضيف…”!
مثل هؤلاء تماماً محللو القنوات الفضائية، الذين يدمنون على استخدام ألفاظ تذكرني بامتحانات اللغة الإنجليزية في الثانوية العامة عندما كان بعض المدرسين الفهلويين يروجون لنماذج ثابتة يمكن أن يستخدمها الطالب في كل موضوع ويحشر فيها خمس كلمات خاصة بالموضوع ذاته، ولو كان أحد المواضيع عن التلوث والآخر عن معتقلي غوانتانامو والثالث عن أثر استخدام المكياج بكثافة على تجعدات البشرة عند غير مكتملي النمو!
بالله عليكم، كم مرة سمعتم أننا نمر في منعطف حرج؟! أعرف أن المنعطفات استثناء وأن الطرق المستقيمة هي الأصل، إلا إن كان المحلل يتحدث عن طريق المعتمر وهو ذاهب إلى مكة المكرمة من الطائف عن طريق جبل كرا!
كنت أعتقد أنني وأنا الثلاثيني حققت سبقاً لأني أسمع أننا نمر بمنعطف حرج وخطير منذ ولدت وحتى اللحظة، لكن أحلامي باءت بالفشل عندما سمعت من أربعينيين عمراً، وخمسينيين، بل وستينيين أنهم يسمعون هذه العبارة منذ عرفوا التحليل السياسي!
أعلم أن أحوالنا في العالم العربي مائلة، لكن ألا يستقيم الميلان يوماً، أو ساعة من نهار، أو حتى دقيقة وتتوافق هذه الاستقامة مع تحليل هذا المحلل على شاشات التلفزة أو ذبذبات الإذاعة إو حتى صفحات الصحف؟!
هل قدر لنا أن نموت دون أن نحظى بكسر ولو لمرة، لهذه القاعدة العظيمة:”أنا عاوز أضيف”؟!.
جميع الحقوق محفوظة 2019