قرار مجلس الوزراء قبل أمس بحصر العمل الصحافي على الذين لديهم عضوية في هيئة الصحفيين كان مفاجئاً لكثيرٍ من الصحافيين. هذا القرار يعطي الهيئة قوة بحيث تكون شاملةً وحاويةً لكل الصحافيين. ومع التخوف الذي أبداه البعض، غير أن لهذا القرار إيجابية أساسية وأعني بها “ضبط الفلتان الصحافي”. بطبيعة الحال الصحافة مثلها مثل أي مهنة يدخل فيها من ليس منها، وذاق الناس الويلات من بعض المنتسبين للصحافة ممن يسرقون المواد الصحافية، أو يفبركون المقابلات الوهمية كما في بعض الصحف الإلكترونية أو المجلات الفنية. هناك سيولة أعمال وممارسات تتفّه العمل الصحافي للأسف، وهذا أحد الإجراءات التي تحاول ضبط الحالة الصحافية القائمة.
من بين المواقف التي تدل على التساهل في الأمانة الصحافية أن صديقاً حضر فعاليةً فنية، وحين خرج وجد أحد الصحافيين، اكتفى الصحافي بمشاهدة صديقنا وزوّر تصريحاً على لسانه. مثل هذه المواقف تتكرر كثيراً وهي لا تعبر عن فهم حقيقي للمهنة. وبما أن الصحف فتحت إلى حدٍ كبير الباب لمشاركة الشباب في الصحيفة نظراً لحاجتها إلى المراسلين تبعاً لضخامة الفعاليات والأنشطة دخلت الأيادي السيئة على الأيادي الرديئة. الصحافة تقريباً من أكثر المهن التي تنتهك في العالم العربي. ما أكثر الصحافيين وما أقل الأعمال الصحافية، هذا هو لسان حال الوضع الصحافي لدينا.
بالتأكيد إنني بوصفي صحافيا أرفض تقييد الحريات سواء من هيئة الصحافيين أو غيرها، لكنني مع إجراء ضبط المهنة حتى لا تتداخل فيها الأطماع. بعض الصحافيين تحولوا إلى “سماسرة إعلان” والبعض الآخر يصنع تقارير وهمية مثل أن يكتب عن ظاهرة لعب الأطفال للبلايستيشن، ثم يخترع شخصياتٍ من عنده من مثل: “تقول أم خالد، ويضيف أبو محمد”، وهكذا يكتمل التقرير ليبحث عن المكافأة.
قال أبو عبدالله غفر الله له: أتمنى من المؤسسات الصحافية الكبرى تأسيس مراكز للتدريب يجلب إليها كبار الصحافيين المتخصصين لتقديم الدورات الصحافية، سواء صحافة الكتابة أو صحافة الصورة، بمثل هذه الإجراءات نخرج بالصحافة من الامتهان الذي تعاني منه هذه المهنة العظيمة.
قرار مجلس الوزراء إجراء ضبط، وعلى هيئة الصحافيين أن تحافظ على حرية الصحافة من الاختراق، هذا هو الأمل حتى لا تكون الصحافة مهنة من لا مهنة له!