تركي الدخيل
يصر البعض على تمييز التيارات الإسلامية السياسية في تونس عن غيرها، ويظنون أن هذا من تطور الفكر السياسي لدى أولئك.
صحيح أن التنظير حول الحرية، والحق، والمساواة، والشراكة مع التيارات العلمانية كبيرة في أدبيات الغنوشي وأطروحاته منذ 30 سنة، غير أن الإحالة ليست إلى مجد الفكر لديهم أو استثنائية الطرح، وإنما لفضل الفضاء السياسي العلماني الحر المنسجم مع هوية التونسيين ذات الجذر الإسلامي العربي والتي أسس لها الحبيب بورقيبة، وهو القائد المحنك الذي لا يشك أي تونسي بفضله على كل ما عاشته تونس وتعيشه منذ حكمه، وإلى الآن على تعاقب السنين والعقود. من هنا لا يكون الفضل للأصولية، وإنما للفضاءات التي أسس لها بورقيبة.
كل تنظير للإسلام السياسي يتغذى على الأرضية المتاحة، حين ترعرع فكر الإخوان المسلمين على الإرث الحاد في مصر وعلى السجالات الضيقة كانت الأفكار حادة، وحال الإسلامية التونسية من حال الفضاء الممتد من مدرسة الراحل الكبير بو رقيبة.
«نحن في دولة القانون، وأي تجاوز للقانون سوف يتم التصدي له، هناك مجتمع مدني قوي في تونس، وقضاء مستقل، وإعلام، ولذلك لا مجال للتغول والاستبداد؛ لأن الشعب الذي أطاح بالمستبدين ما زال موجودا، وتذوق الحرية وعرف واكتشف قدراته، وأدرك أن الحاكم ضعيف، ولذلك فإن هذا الشعب الذي خرج للشوارع من أجل اكتساب الحرية لن يعود إلى القمقم، ولن يقبل بنظام الحزب الواحد والاعتقالات بالجملة»، هكذا قال زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، للشرق الأوسط!
الأهم أن تكون هذه النظرية مطبقة في أدبياتهم وأفعالهم على الأرض، أن تكون هذه الحالة من التمسك بالديموقراطية ممارسة فعلية، لا مناورة سياسية وهذا هو الفرق.
تونس تتنفس الديموقراطية، ونجت إلى حدٍ كبير من أعباء الربيع العربي، الذي تغص وتشرق به الدول الأخرى المحيطة.
جميع الحقوق محفوظة 2019