مهند أبو دية، مخترع سعودي ناجح، لم تثنه كلمات التثبيط عن مواصلة مشواره العلمي والمعرفي. وحينما فقد بصره لم يزد على أن أنشد:
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ** ففي لساني وسمعي منهما نور.
من اختراعاته، قفاز يحول لغة الإشارة إلى صوت. كما اخترع قلما ذا نهاية ممغنطة تساعد الأطفال والذين يعانون الارتعاش باليد والمكفوفين على الكتابة على سطر مستقيم.
ومن أشهر اختراعاته على الإطلاق “غواصة” أطلق عليها اسم صقر العروبة والتي تكسر حاجز الغوص العالمي بعمق 6525 متراً تحت الماء، متفوقة على العمق الذي وصلت إليه الغواصة اليابانية شينكاي البالغ مدى العمق الذي تصل إليه 6500 متر وقال إنه في خلال الأربع السنوات التي كان يخترع فيها الغواصة سمع كلمة مستحيل 232 مرة وكان آخرها من مهندس ياباني للغواصات وكان يسجل كل كلمة مستحيل يسمعها فهو يعشق التحدي. إضافة إلى اختراعه سماعة أذن تنبه من يستخدمها إذا كانت وضعية جلوسه خاطئة.
تعرض في 3 أبريل 2008 إلى حادث أصيب على إثره بالعمى. بعدها تحول مهند أبو دية بعد الحادث إلى لهيب من الحماس يكاد يلتهم ما حوله وقد برر ذلك في إحدى لقاءاته قائلاً: إن كنت أتغذى على التحديات فإن الله رزقني بوجبة دسمة من التحديات. ولعل اختراعاته التي أبدع في إنجازها كانت تدل على عزمه وإصراره، وعدم استسلامه لأحاديث الاستحالات وكلمات الكسل. وعلى رأسها الغواصة التي تعتبر الاختراع الأكثر جمالاً وجاذبية.
تمكن من إنجاز المشروع بعد متابعات دقيقة لعالم الغواصات، وقد أثاره عدم تمكن جميع الغواصات العالمية من تجاوز حاجز 7 كلم ، ويرى أبو دية أن الغواصات تعاني من مشاكل مختلفة بمجرد أن تصل إلى الضغط العالي تحت أعماق ما بين 3 إلى 6 كم، فكونها أسطوانية الشكل يجعلها عرضة لتأثير الضغط على جسمها، لأن الضغط يتوزع بشكل غير متساو على اتجاهاتها، فالضغط من أعلى ومن أسفل أقوى من الضغط في اليمين واليسار، مما قد يؤدي إلى تحطيمها تحت الماء.
وقال أبو دية إن ذلك جعله يجري العديد من التجارب لعدد من النظريات الفيزيائية بعد بحث طويل في مجال تقنيات الغواصات، ليهتدي إلى النموذج الجديد من الغواصات التي تمكنت من كسر الحاجز بسهولة.
إنها العبقرية الفذة التي وجدت في الإصرار شرطاً أساسياً لاجتياز كل التحديات التي تنسج في طريق الابتكار المليئة بالصعوبات والتحديات.