اعرف رجلاً سعودياً في منتصف الخمسينات من العمر، قدم إلى دبي قبل أيام على متن دراجة نارية برفقة مجموعة ممن يشاركونه هواية امتطاء الدبابات. وفيما نطلق في السعودية اسم «الدباب» على الدراجة النارية، فإن عرباً آخرين يفغرون أفواههم عند سماع كلمة «الدباب»، متصورين أن الموصوف يتعلق بآلة عسكرية قريبة من الدبابة، أو حتى أي شيء آخر، إلا أن يكون هو الموتورسيكل كما يسمونه.
الرجل الخمسيني المغامر، رجل أعمال، ودخله المادي ممتاز، وتقبع الهواية في أعماقه منذ سنوات، لكنه كان يخشى الهمس المجتمعي، وحديث الناس، وتعليقات القريبين والبعيدين.
كان يتصور أن هناك من سيقول: ألا يكف هذا العجوز عن التصابي؟!
كان يتحاشى «واخزياه»، تلك التي تسوطنا بألسنة غلاظ شداد، دون ان تستند إلى قناعتنا أو حتى إلى منطق مجتمعي فكيف بديني!
اتدرون ماذا ايقظ الهواية في داخل صاحبنا؟!
انها ابنته! قالت له ذات يوم: اذا كنت يا ابتي مقتنعاً بهذا الموضوع وتحس بأنه سيضفي تجديداً في حياتك، ومتعة لوقتك، فلا يردنك حديث الناس عن تحقيق مبتغاك!
كان حديث الابنة محفزاً للإقدام على تجربة مثيرة، أعادت الرجل لمزيد من الحيوية، وكثير من التجديد. الذين قابلوه تحدثوا عن وجه وقد تهلل فرحاً بتجربة جديدة وهواية كانت حبيسة ادراج النفس، منغمسة في التحرج من حديث الناس.
الذين يدفعون غيرهم إلى التغيير ويبعثون في نفوسهم الجمال والتألق ليسوا بالضرورة هم الأكبر سناً، أو الأعلى قيمة، مع اعتبار النسبية في التصنيف والتقويم. قد يكونوا في منزلة أقل أو عمر أصغر. الأهم أن لا يقلل المرء من كلمة قد يلقيها دون أن يعبأ بها، وتكون سبباً في تغيير حياة شخص… وربما أسرة… أو أكثر!