كان شاي المساء بالأمس مختلفاً. ارتشف السعوديون فناجينهم على أمر ملكي حاسم!
الأمر الملكي رقم (أ/191) القاضي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في كارثة جدة كان بداية لحسم الأمور تجاه مكافحة الفساد. سيبقى في الذاكرة بعيداً عن النسيان أن الأمر الملكي تضمّن عبارة “كائناً من كان”. الأمر الملكي الصادر بالأمس كان محكماً وواضحاً، ويأتي ليقضي على أحاديث من ظن أن الأمر ذهب أدراج النسيان وفي طي التطنيش، فجاء الأمر بكل فقراته صلابة لا رقّة فيها مع المجرمين المتورطين بتدمير بنية جدة التحتية والتي وضعت المدينة لقمة سائغة لكوارث السيول.
أكد المليك أن الفساد بعبع يجب امتثالا للأمانة ألا يتساهل معه أحد، “إدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو”. ولا تساهل ولا عفو في جرائم، الفساد، فهي خيانة، وأي خيانة: “تقوم وزارة الداخلية بإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد”.
قلتُ: وهذا التفصيل تحديداً هو ما كنا بحاجة ماسة إليه. أن يدرج الفساد ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو. وذلك أن آثار الفساد المالي نجدها واقعاً على الأرض. تحصد الأرواح وتهدّ المدن. وكأن السحاب ساهم في إجلاء موقف صارم من رأس الدولة، ورمز الكيان ضد الفاسدين جميعاً.
إن الأمر الملكي حينما نصّ في بدايته على إقامة الجزاء الرادع يشقّ طريقاً جديدة تجاه المتورطين الفاسدين الطلقاء. لنقرأ هذه العبارات: “واستصحاباً لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآس لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكامل تفاصيلها لإيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع، لا نخشى في الله لومة لائم فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا من إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح انتصاراً لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لا مجال لنجاة الفاسدين أو العفو عنهم. والملك بهذا الأمر إنما ينتصر للمجتمع السعودي من مأساة تراكمت على مدى عقود. وننتظر بكل حماس نتائج هذا الأمر التاريخي ونتمنى أن نشاهد المتورطين وهم يأخذون جزاءهم الشرعي الرادع. وكلنا أمل أن يكون هذا القرار بداية لتقليم أظافر الفساد مهما كانت منزلة مرتكبه أو المتورط به.
كلمة تاريخية… لا عفو عن الفاسدين… والعفو لا يشمل المجرمين المتورطين!
جميع الحقوق محفوظة 2019