كانت جلستنا ثلاثية، أنا واثنان من الأصحاب…
قال صاحبنا الأول متبرماً بعد تنهيدة متألم :«يا أخي ابلشوني عيالي»!
شخصنا إليه بأبصارنا:خير… عسى ما شر؟!
رد: لا يملون تطلباً. كلما وفرت لهم طلباً، عاجلوني بآخر. حتى اصبحت اجزم بأنهم باتوا يطلبون الأشياء من أجل الطلب، وليس لحاجتهم للمطلوب. صارت وظيفتهم أن يطلبوا، ومع الوقت صار دوري أن ألبي وكأن توفير الطلبات واجب عليّ بلا حمد ولا شكور!
وبينما كنا مستغرقين في الاستماع. سكت قليلاً وترك الحديث لقلقه، ثم زاد: كأني لا أتعب ولا أكد في سبيل تحقيق رغباتهم!
كان الحديث اشبه ما يكون بحديث بث الهموم بين الأصدقاء، لكن الصديق الثاني ابتسم وقال: بالأمس القريب كنت اقرأ كتاباً عن التعامل مع الأبناء، وقد سئل المؤلفان سؤالاً مطابقاً لسؤالك، فتحدثا عن تحول المجتمعات إلى مجتمعات استهلاكية بامتياز، مشيرين إلى تأثر الأطفال بحملات الدعاية والإعلان. لكن الكتاب نصح الآباء إذا كان اطفالهم غير ممتنين لما يفعله الآباء من أجلهم بأن على الوالدين أن يتناوبوا في إخبار الطفل بأن ما أحضره الأب أو الأم كان يستوجب الشكر لأنه شيء لطيف منه أن أحضر معه هذا الشيء، ولو لم يتذكرك لما اشتراه لك. مع ضرورة مقاومة الأبوين رغبتهما في شراء كل ما يطلبه الطفل على الفور، وتخصيص وقت لتقييم ما يود الطفل شراءه، لأن رغبته في الغالب آنية قد تزول خلال يوم أو اسبوع أو حتى ساعة.
واصل صاحبنا: وتحدث الكتاب إن الأبوين يجب أن يتحدثا مع اطفالهما عن التعب الذي يقاسيانه للحصول على المال، وعن ضرورة تحديد الأشياء التي يحسن أن ينفق عليها المال المحدود، وبخاصة والكبار أنفسهم لا يستطيعون شراء كل ما يرغبونه، كما يجب أن يقال للولد. كما ان الصغار يجب أن يُعودوا على صناعة قائمة لاحتياجاتهم، تتم مناقشتها معهم لاحقاً، للتحقق من حقيقة الحاجة إليها.
وختم صاحبنا: ثم إننا يجب أن نقنع أطفالنا بحقيقة أن البحث الدؤوب لشراء المزيد من الأشياء ليس السبب الحقيقي وراء السعادة الحقيقية!
اشرأب عنق زميلنا الشاكي وقال: ألم تقرأ توجيهات مشابهة في كتابك لإقناع الزوجة بنفس الفكرة؟!