للإنسان دوائر عديدة يعيش فيها خلال حياته الطويلة، أو حتى القصيرة.
وهو خلال مسيرته ينتقل من مجموعة دوائر الى مجموعة اخرى من الدوائر، تبعاً للمرحلة التي يمر بها.
عمله دائرة، وبيته دائرة أخرى، واصدقاؤه دائرة ثالثة، واهتماماته الشخصية دائرة رابعة..
انجح الناس هم أولئك الذين يستطيعون ان يفصلوا بين كل دائرة وأخرى، فلا تدخل دائرة في محيط غيرها، فتحتل ما يلزم ان تعطيه لكل واحدة من عناية او اهتمام او وقت.. وغير ذلك.
صحيح ان الفصل التام بين الدوائر، مهمة تكاد تبدو مستحيلة ولا يمكن ان يقوم بها إلا الآلات، أما البشر، فهم في الغالب بعيدون عن الميكانيكية والقوالب الجامدة، لكن فصلا ما سيحقق شيئاً من رضى وأوجهاً من نجاح!
من يحمي كل دائرة من التداخل والذوبان في الأخرى يحافظ على كل دائرة من الآثار السلبية التي تنعكس عليها من طغيان الدائرة الأكبر ولو جزئيا ومرحلياً.
ما علاقة زوجتك وأطفالك لتعكس عليهم سطوة مديرك في العمل وديكتاتوريته وتسلطه، ولو من وجهة نظرك أنت؟!
وما علاقة عاملتك المنزلية لتفرغ في وجهها ما تعتقد انه سوء تصرف من زميلك في العمل،او قلة دبرته في تصريف الأمور والأشياء؟!
وما علاقة مديرك في العمل ليتأثر انتاجك بمزاج زوجتك السيىء، وتقصيرها في تلبية واجباتك الشخصية، أو واجباتك الأسرية؟!
كل أحد يواجه مشكلة هنا وأخرى هناك، ضعفاً في دائرة من دوائره اليومية، بسببه أو بسبب غيره، لكن كل اصحاب دائرة ينظرون للموضوع من زاويتهم وينتظرون منك عطاء ووجهاً طلقاً، وواجبات، والتزامات، ولا يرون دوائرك كلها، بعينك الشاملة التي ترى الجميع، لذا فسيظلون يطالبون بحقوقهم، بعيداً عن استنزاف الدوائر الأخرى لك في مطالباتها العاقلة والمجنونة.
صحيح أنك مع الوقت ستحس بأنك سيجارة تحترق وتتضاءل شيئاً فشيئاً.. لكن المهم أنك سيجارة يتناولها الجميع بشراهة ونزق.. في أجواء لا صدى فيها لجمعيات مكافحة التدخين!.