في مدينة مثل لندن أكثر ما يلفت نظرك “النظام”. منذ أن عرفت لندن لم أشاهد حادث سيارة واحدا. وحينما تمرّ سيارة إسعاف بسرعة صارخة يتمتم صديقي مطمئناً لي، ربما هذه السيارة ستسعف “قطاً” قد علق على نافذة البيت. مدينة الضباب هذه عجيبة في حركتها؛ في نمط النظام الذي يضبط الناس. لكن الأخبار الأخيرة عن علاقة البريطانيين بـ”الطابور” ليست مطمئنة!
ذكرت وكالات الأنباء هذا الأسبوع: “أن مسحاً أظهر أن بريطانيا المشتهرة بفن تنظيم طوابير الانتظار قد تفقد صبرها، حيث يستطيع البالغ البريطاني في المتوسط الوقوف مع طابور لعشر دقائق و42 ثانية فقط قبل أن يفقد أعصابه، وأبغض الطوابير تلك التي تكون في المتاجر الكبيرة وبعدها مكاتب البريد ثم طوابير التفتيش الأمني عند دخول المطارات. وأوضح الاستطلاع أن كبار السن فوق سن 55 عاماً يبدؤون في الشعور بالقلق خلال وقوفهم في طابور قبل ثلاث دقائق من الأشخاص الأصغر سناً، فيما أظهر المسح أن الأشخاص دون 35 عاماً كانوا أكثر ترجيحاً في إخراج ضجرهم على من حولهم”.
وصلت عدوى كراهية الطوابير إلى الإنجليز الذين هم أهل القانون، وكما يقال هم صنّاع “شريعة العالم”، لكن ما هي تكتيكات البريطانيين للهروب من الطوابير؟
تقول المتحدثة باسم مجلس المدفوعات: ” :”يظهر بحثنا أن المزيد منا بدأ يستيقظ على حقيقة أنه يمكن تفادي الطابور تماماً وتوفير الوقت والمال بالاستعانة بتكتيكات للتهرب منها مثل التسوق الإلكتروني وإتمام الإجراءات المصرفية إلكترونياً وأيضاً دفع الفواتير إلكترونياً”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وفرق بين تكتيكات العرب، وتكتيكات الإنجليز. حينما تقف في مدينة عربية أمام صراف إلكتروني وتنتظر الإيصال تأتيك المنبّهات من السيارة بأصواتها المتعددة. وحينما تقف منتظراً تفتيش أمتعتك في المطار يأتيك من يتسلل لواذاً كاسراً الطابور. ربما اعتذر وربما لم يعتذر.
أما في مدن الخليج فإطلاق أصوات منبه السيارة بقرب متجرٍ أو مغسلة، يعني دعوة الزبون للعامل الآسيوي ليخرج إلى السيارة ويلبي حاجة الشاب الكسول. أظن أن ضعف الشعور بالمسؤولية والتخلف في التدرب على الانتظام وراء كل هذا الاضطراب والاختلاف بين تكتيكات الإنجليز الذين يلوذون بالشراء عبر الإنترنت أو التعاملات الإلكترونية وبين بعض العرب الذين يتهارشون ويدفعون “البخشيش” للهروب من نظام الطوابير.
لكن السؤال، لماذا ينضبط العرب حينما يكونون في مدينةٍ منضبطة ليس فيها مجال للواسطات أو الحمايات القبليّة أو الفزعات العشائرية؟