إضاءات – تركي الدخيل
حبُّ الوطن كبيرٌ عند خالد الفيصل، منذ كان الأمير المثقف، والشاعر الإنسان، في ريعان الصبا… منذ أن دخل على جده المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، في مجلس فيه والده الملك فيصل، وخاله الأمير سعود بن جلوي، فلاطفه الجدُ، ممتحناً ذكاء حفيده، وسأله: من الأمير فيكم يا خالد، أنت ولا أبوك، ولا خالك؟! فأجاب الأمير الصغير سناً، آنذاك، الكبير، في إجابته: «إذا جيت أنت طال عمرك لا عاد لي سنع، لا أنا، ولا أبوي، ولا خالي». أسعد حسن المنطق المؤسس العظيم، فضحك من أعماقه رحمه الله، فرحاً بسليله، الذي يحسن انتقاء الألفاظ، وهو لم يشب عن الطوق بعد.
يكبرُ الأمير خالد الفيصل، فيكبر حُبّ الوطن في داخله، وبالتالي حُبُّ المواطن، ولذلك يعتبر نفسه بوصفه أميراً لأي منطقة، مكلفاً من ولي الأمر بخدمة المواطن، كما قال في حوار الزميل عبدالله المديفر، معه في برنامج (في الصورة)، في (روتانا خليجية).
يكبُر الأمير خالد الفيصل، في أعيننا، عندما يُسأل عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيقول: افخر به بوصفي واحداً من آل سعود، وأفخر به بوصفي سعودياً، وأفخر به عربياً، وأفخر به مسلماً.
الأمير، الذي دفعته محبته العالية، لوطنه، ليلتقط منذ أكثر من عقد ونصف خطورة المنهج الخفي، الذي يتبناه المتطرفون ليغرسوه في فصول الدراسة المغلقة في عقول أبناء هذا الوطن، ويحولوهم إلى ضحايا في معارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل هي معارك تستهدف وطننا، ووحدتنا، وقيمنا واستقرارنا وأمننا.
لا زلت أذكر المقابلة التي أجريتها مع الأمير خالد في العام ٢٠٠٤، يوم كان أميراً لمنطقة عسير، وكيف كانت كلماته دفاعاً عن اختطاف دينه، واستلاب عقول شباب بلاده، سبباً لإذكاء حرب ممنهجة ضد الأمير الشجاع، أسلحتها العاطفة الدينية، والتهييج العاطفي، ضد خالد الفيصل، الذي بقي ثابتاً، صابراً، في مواجهة رياح الكراهية العفنة.
ومن مفارقات خالد الفيصل الذي لا يتنازل عن انتقاء كلماته، وحبك ردوده، أننا أنهينا التصوير في أبها، بعد نهاية الدوام، عقب صلاة العصر، وودعت الأمير، فرحاً بمقابلة جريئة، وشرعت مع زملائي نجمع أجهزتنا وأدواتنا استعداداً للرحيل، وما إن حملنا حقائبنا، وهممنا بالتوجه إلى المطار، حتى جاء مدير مكتب الأمير حاملاً خبراً ملأني إحباطاً، إذ نقل عن الأمير، رغبته في إعادة التسجيل، لعدم قناعته بالتسجيل الأول. قلت في نفسي: يبدو أن الأمير، أحس بعلو سقف حديثه، فأراد أن يخفض السقف، وكدت أندب فرح التسجيل الأول بما فيه من جرأة في نقد، ما اصطلح الأمير، على تسميته «المنهج الخفي». خلال ساعة، وما إن أعدنا تركيب الكاميرات، حتى كان الأمير عندنا مجدداً، حاولت أن استشف سبب الرغبة في إعادة التسجيل، فذكر الأمير أنه استحضر عبارات لم يقلها في التسجيل الأول، واعتذر بلطف عن تعطيلنا. عندما بدأت تسجيل الحلقة الثانية، اكتشفت أن خالد الفيصل طلب إعادة التسجيل، لأنه أراد أن يعيد سك المعاني، في سياق أقوى، وأبدع. إنه البحث عن الأكمل، ذاك الذي يسيطر علي الشاعر، والفنان، والمثقف، ليزيد حسن مقاله حسناً، وجميل لفظه منطقاً. لم يتنازل خالد الفيصل عن فكرة واحدة، بل أعاد صياغة ما كان جميلاً بشكل أجمل. ألم أقل لكم أن حُبّ الوطن يزداد عنده بالتقادم؟
أهنئ زميلي المبدع الأستاذ عبدالله المديفر بجائزة الحوار الجميل، التي أضافها لجائزة الحوار المصور التي حصل عليها باستحقاق، في المنتدى الإعلامي السعودي عشية حواره الجميل، مع الأمير الكبير، أدباً ومواطنة وشعراً وإنسانية… خالد الفيصل.
إضاءات – تركي الدخيل
حبُّ الوطن كبيرٌ عند خالد الفيصل، منذ كان الأمير المثقف، والشاعر الإنسان، في ريعان الصبا… منذ أن دخل على جده المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، في مجلس فيه والده الملك فيصل، وخاله الأمير سعود بن جلوي، فلاطفه الجدُ، ممتحناً ذكاء حفيده، وسأله: من الأمير فيكم يا خالد، أنت ولا أبوك، ولا خالك؟! فأجاب الأمير الصغير سناً، آنذاك، الكبير، في إجابته: «إذا جيت أنت طال عمرك لا عاد لي سنع، لا أنا، ولا أبوي، ولا خالي». أسعد حسن المنطق المؤسس العظيم، فضحك من أعماقه رحمه الله، فرحاً بسليله، الذي يحسن انتقاء الألفاظ، وهو لم يشب عن الطوق بعد.
يكبرُ الأمير خالد الفيصل، فيكبر حُبّ الوطن في داخله، وبالتالي حُبُّ المواطن، ولذلك يعتبر نفسه بوصفه أميراً لأي منطقة، مكلفاً من ولي الأمر بخدمة المواطن، كما قال في حوار الزميل عبدالله المديفر، معه في برنامج (في الصورة)، في (روتانا خليجية).
يكبُر الأمير خالد الفيصل، في أعيننا، عندما يُسأل عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيقول: افخر به بوصفي واحداً من آل سعود، وأفخر به بوصفي سعودياً، وأفخر به عربياً، وأفخر به مسلماً.
الأمير، الذي دفعته محبته العالية، لوطنه، ليلتقط منذ أكثر من عقد ونصف خطورة المنهج الخفي، الذي يتبناه المتطرفون ليغرسوه في فصول الدراسة المغلقة في عقول أبناء هذا الوطن، ويحولوهم إلى ضحايا في معارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل هي معارك تستهدف وطننا، ووحدتنا، وقيمنا واستقرارنا وأمننا.
لا زلت أذكر المقابلة التي أجريتها مع الأمير خالد في العام ٢٠٠٤، يوم كان أميراً لمنطقة عسير، وكيف كانت كلماته دفاعاً عن اختطاف دينه، واستلاب عقول شباب بلاده، سبباً لإذكاء حرب ممنهجة ضد الأمير الشجاع، أسلحتها العاطفة الدينية، والتهييج العاطفي، ضد خالد الفيصل، الذي بقي ثابتاً، صابراً، في مواجهة رياح الكراهية العفنة.
ومن مفارقات خالد الفيصل الذي لا يتنازل عن انتقاء كلماته، وحبك ردوده، أننا أنهينا التصوير في أبها، بعد نهاية الدوام، عقب صلاة العصر، وودعت الأمير، فرحاً بمقابلة جريئة، وشرعت مع زملائي نجمع أجهزتنا وأدواتنا استعداداً للرحيل، وما إن حملنا حقائبنا، وهممنا بالتوجه إلى المطار، حتى جاء مدير مكتب الأمير حاملاً خبراً ملأني إحباطاً، إذ نقل عن الأمير، رغبته في إعادة التسجيل، لعدم قناعته بالتسجيل الأول. قلت في نفسي: يبدو أن الأمير، أحس بعلو سقف حديثه، فأراد أن يخفض السقف، وكدت أندب فرح التسجيل الأول بما فيه من جرأة في نقد، ما اصطلح الأمير، على تسميته «المنهج الخفي». خلال ساعة، وما إن أعدنا تركيب الكاميرات، حتى كان الأمير عندنا مجدداً، حاولت أن استشف سبب الرغبة في إعادة التسجيل، فذكر الأمير أنه استحضر عبارات لم يقلها في التسجيل الأول، واعتذر بلطف عن تعطيلنا. عندما بدأت تسجيل الحلقة الثانية، اكتشفت أن خالد الفيصل طلب إعادة التسجيل، لأنه أراد أن يعيد سك المعاني، في سياق أقوى، وأبدع. إنه البحث عن الأكمل، ذاك الذي يسيطر علي الشاعر، والفنان، والمثقف، ليزيد حسن مقاله حسناً، وجميل لفظه منطقاً. لم يتنازل خالد الفيصل عن فكرة واحدة، بل أعاد صياغة ما كان جميلاً بشكل أجمل. ألم أقل لكم أن حُبّ الوطن يزداد عنده بالتقادم؟
أهنئ زميلي المبدع الأستاذ عبدالله المديفر بجائزة الحوار الجميل، التي أضافها لجائزة الحوار المصور التي حصل عليها باستحقاق، في المنتدى الإعلامي السعودي عشية حواره الجميل، مع الأمير الكبير، أدباً ومواطنة وشعراً وإنسانية… خالد الفيصل.