“بالمال تستطيع أن تشتري منزلاً لا سكناً…
بالمال تستطيع أن تشتري ساعة، لكنك لا تشتري الوقت…
بالمال تستطيع أن تشتري سريراً، لكنك لا تستطيع أن تشتري النوم…
بالمال تستطيع أن تشتري كتاباً، لكن لا تشتري المعرفة…
بالمال تستطيع أن تُحضر طبيباً، لكنك لا تستطيع أن تُحضر الصحة الجيدة… بالمال تستطيع الحصول على المنصب، لكنك لا تحصل بالمال على الاحترام، بالمال تستطيع أن تشتري الدم، لا الحياة… بالمال تستطيع أن تحصل على الجنس، لا على الحب…”.
إلى هنا تبدو الأسطر السالفة حِكَماً جميلة، يكاد الجميع يجمع عليها، وقد وصلتني عبر بريدي الإلكتروني بالإنجليزية، ويبدو من صياغتها أنها انتشرت في الغرب، إلا أنها مَثَلٌ صيني، مما يؤكد أن الحكمة والتجارب الإنسانية لا تعرف الجهوية ولا المكان، فمحورها الإنسان، والإنسان هو الإنسان في الشرق أو الغرب… ومع أن هناك بعض الواقعيين (زيادة حبتين) يرون أن هذه حكم وضعها الأغنياء ليقنعوا الفقراء بمواصلة السير بتؤدة في طريق الفقر والعوز، إلا أن سطورها حقائق محضة.
غير أن ما أفسد عليَّ متعتي بهذه الكلمات البليغة هو المقطع الثاني الذي ذكرني برسائل مقصدها صالح ولا يجد أصحابها لنشرها سوى الخرافة، ليحققوا معنى قول الله تعالى: (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم)، إذ يقول النص “إن هذا المثل الصيني يجلب الحظ، وإنه نشأ أصلاً في هولندا. لقد دار هذا
المثل العالم ثماني مرات، وأصبح الآن دورك يا مستقبل “الإيميل” لتحصل على الحظ الحسن بمجرد استقبالك للرسالة”. ويواصل صاحب “الإيميل” الذي يجوب العالم: “هذه ليست مزحة، لقد حان الوقت ليقبل عليك حظك بالإيميل أو عبر الإنترنت. أرسل نسخة من هذا المثل لمن تعتقد أنه بحاجة إلى الحظ، ولا ترسل له مالاً، لأنك لا تستطيع شراء الحظ. لا تحتفظ بالرسالة أكثر من 96 ساعة، وهو ما يعادل 4 أيام. قسطنطين جاءته هذه الرسالة للمرة الأولى عام 1953، وطلب من سكرتيرته أن تنسخ من المثل20 نسخة، وبعد 9 ساعات فاز بـ 99 مليون دولار في يانصيب جرى في بلاده!”.
إذن، كيف بمن لا “يانصيب” لديه؟!. “كارلوس جاءه المثل نفسه فلم يوزعه، وخسر وظيفته بعد بضعة أيام”. ربما لأنه كثير “البزوطة” وهي لفظة تعني التسيب واللامبالاة مع ممارستهما احترافياً!
“بعد فصله عاد كارلوس وغير رأيه وأرسل المثل، فتحول إلى غني”. هذه قوية، ولم أرَ مثلها ولا في الأفلام الهندية، ولا حتى في أفلام “الأكشن” الأميركية التي تجعل البطل يواجه ألفي حادث في 3 دقائق، ويخرج بجرح في إصبع رجله اليسرى وسيارته لا تعاني إلا خدوشاً بسيطة في أطرافها!
ذكرتني هذه الخرافات بمثيلتها التي كانت توزع وفيها أذكار وأدعية وأوراد شرعية، لكن من لا يوزعها على سبعة أفراد بالغين وسبعة قاصرين وسبعة في منزلة بين المنزلتين، ستحل به سبع كوارث، وسبع آفات، وسيقطع ست إشارات بسلام، لكن المرور سيزج به في السجن
إذا قطع السابعة! الأفكار الجميلة ليست بحاجة إلى إيحاءات وضغوط لنشرها بين الناس بالقوة!
والخرافة والدجل إذا ارتبطا بمعانٍ جميلة أفسداها، وشوها جمالها، مع التأكيد أن الخرافة لا جنسية لها ولا ملة، ولا مكان فيها تسير واثقة الخطى من أقاصي الصين شرقاً، مروراً بديارنا العامرة، وليس نهاية بهولندا أو حتى الولايات المتحدة الأميركية. اللهم احفظ عقولنا…
جميع الحقوق محفوظة 2019